"بتقْطَع أو ما بْتقْطَع؟"... ما قَطَعت
وسط "طبول حرب أميركية على سوريا"، وتفجيرات منتظرة في أي لحظة في شوارع لبنان، لا يزال جهاز الرقابة في الأمن العام قادراً على ضبط الايقاع، وفق معاييره، وادراج أعمال جديدة ضمن لائحة الأعمال الممنوعة. فمنع أخيراً عرض مسرحية "بتقطع أو ما بتقطع" التي أنتجتها جمعية "مارش" لمكافحة الرقابة على الأعمال الفنية في لبنان، وأخرجها لوسيان أبو رجيلي، علماً أنها عرضت على مسارح خمس جامعات لمدة ثلاثة أشهر، إلا أن هذه العروض لا تدخل ضمن سلطة رقابة الأمن العام.
هكذا سلطت المسرحية الضوء على عمل مكتب الرقابة في الأمن العام في إطار كوميدي ساخر، ما أثار الجدل مجدداً حول ضبابية المعايير الرقابية التي يتبعها الأمن العام. وفي السياق، قالت المنسقة العامة لجمعية "مارش" وأحد مؤسسيها ليا بارودي لـ "مهارات نيوز" إنه "تم تقديم طلب إجازة العرض منذ شهر ونصف الشهر، ليأتي الرد قبل يومين فقط، علماً أن الرد عادة لا يتأخر أكثر من خمسة أيام من تاريخ تقديم الطلب". وأضافت أن مكتب الرقابة "بعث إلينا برسالة لمقابلة رئيس مكتب الإعلام في الأمن العام العميد منير عقيقي. فقابله ممثل الجمعية أبو رجيلي، وأخبره عقيقي بعصبية أن "العمل هو كذب وافتراء بحق المكتب الذي لا يتصرف وفق الآلية المذكورة في المسرحية"، مضيفاً أن "المكتب سليجأ للقضاء لوقف هذه المهزلة".
ولفتت بارودي إلى أن العمل "كوميدي وساخر"، مستغربة "رد العميد عقيقي على رفض العمل، وخصوصاً أنه "لا ينطبق على الواقع".
من جهته، قال أبو رجيلي لـ "مهارات نيوز" إن "جمهوري الأول هو الأمن العام"، موضحاً أنه "بعد سنوات من عملي في الكتابة المسرحية، صرت أقُيّم الكلمات المكتوبة من خلال سؤال: هل هذه الكلمة تمرّ لدى الأمن العام أو لا؟". وأضاف "أتمنى أن أصل إلى يوم لا يملي عليَ أحد ماذا أكتب، ويصبح الجمهور اللبناني هو الحكم الأول والأخير لأي عمل مسرحي من دون وجود رقيب يعامله مثل الطفل الذي لا يعرف مصلحته".
وأضاف أبو رجيلي أن "الشباب كانوا إيجابيين مع المسرحية لدى عرضها في الجامعات". ورأى أن سبب النجاح يعود إلى "تفاعل الجمهور مع شخصيات المسرحية بعد انتهاء العرض، حيث تم تخصيص فقرة تجيب فيها شخصيات المسرحية عن أسئلة الجمهور بطابع كوميدي ساخر يخلق تفاعلاً جميلاً داخل المسرح".
لكن رفض العمل لن ينهي المسألة بحسب بارودي، لافتة إلى "خطوات تصعيدية مقبلة يعمل الفريق القانوني للجمعية على بلورتها، وصولاً إلى حل قانوني يحرر المسرحية".
حاول "مهارات نيوز" الاتصال بالعميد عقيقي للاطلاع على وجهة نظر مكتب الرقابة من دون أن تلقى جواباً. لكن مهما كان التبرير، لا شك في أن السلطات لا تزال تعامل المواطن اللبناني كأنه "قاصر".