cd0e058f-f626-4449-8ab1-16491908ef80.JPG

اطلاق مبادئ حرية الانترنت في لبنان

لم تعد حرية الانترنت ترفاً، ولا نوعاً من الرفاهية. فهي باتت حق اساسي من حقوق الانسان، خصوصاً وان الفضاء الإلكتروني بات منبراً هاماً يساعد في نشر حرية التعبير. في السياق نظمت "مؤسسة مهارات" و"جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان"  لقاءً لإطلاق مبادئ حرية الانترنت في لبنان برعاية"المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات" -"إجمع".

حضر اللقاء نخبة من السياسيين وممثلي وسائل الاعلام وقطاع المعلوماتية والاتصالات والمجتمع المدني، ديبلوماسيون، واكاديميون. واطلع الحضورعلى ورقة مبادئ "حرية الانترنت في لبنان" المنبثقة عن اجتماعات التحالف اللبناني لحرية الانترنت، وشاركوا  في احتفال اطلاق هذه المبادئ التوقيع عليها.

بداية اشارت مديرة البرامج في "المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات"- "إجمع" كارول شديد الى ان "هذا اللقاء يندرج في اطار حملة  "حقناالتي أُطلقت برعاية "اجمع"، لإنشاء تحالف إقليمي عربي للإنترنت يضم أصحاب المصلحة من جهات عربية متنوعة غير سياسية من القطاع الخاص والمجتمع المدني وأهل الاختصاص في مجال الانترنت، لبلورة رؤية عامة بهدف الحفاظ على الانترنت ودوام الوصول اليه".  ولفتت الى ان "اجمع" كانت سباقة في اطلاق هذه المبادئ في العالم العربي. وختمت بان مبادئ الانترنت ليست إعلانات او مفاهيم جديدة عن الانترنت او حرية استخدامه والوصول اليه، انما هي ثوابت ومبادئ عامة يتم الرجوع اليها للتأكد من ان التشريعات أو المراسيم او القوانين التي تتعلق بالإنترنت لا تتعارض مع أي من هذه المبادئ.

من جهتها، شددت ألين فرح رئيسة "مؤسسة مهارات" على ان اي واقع لا يبرر ان "تقوم اي جهة ادارية بمراقبة مضمون الانترنت وحجب المحتوى إدارياً بمفهوم الدولة البوليسية التي تسعى الى قولبة الافكار والاراء والمعلومات في اطارها الضيق وفقا للمصلحة التي تخدمها. وانما وحدها الرؤية المنفتحة على واقع حرية تداول المعلومات في مجتمع المعرفة الرقمي، وفقاً للمبادئ العشرة التي تضمنتها "وثيقة مبادئ حرية الانترنت"، وبلورتها في أطر قانونية وتنظيمية مناسبة إذا دعت الحاجة، من شأنه ان يضع لبنان على السكة الصحيحة لضمان وتعزيز حرية الانترنت وضمان تطور هذا القطاع".

في حين القى كلمة "جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان" رئيس الجمعية جلال فواز الذي تطرق الى مدى تأثير الانترنت ثقافيا تواصليا اقتصاديا واجتماعيا وأهمية حق كل شرائح المجتمع في توافر الانترنت لديها. كما شدد فواز على ان حق الولوج الحر الى الانترنت لم يعد ترفا ولا يجوز تحت اي عذر حرمان الناس منه. كما أكد على ضرورة خلق الاطر المناسبة للاستفادة من هذه التقنية لتطوير مجتمعنا.

في هذا الإطار شكر الأمين العام لـ "لمنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات – اجمع نزار زكا" الجمعيات التي شاركت في الوصول الى هذه المبادئ، من القطاع الخاص والمعلوماتية والمجتمع المدني. وتحدث عن نشاط "حقنا" في لبنان وسوريا والعراق ومصر وتونس. وقال ان اجمع تنظر بترقب الى التطورات السياسية التي قد تمس حرية الانترنت في مصر والعراق، مثنيا على الجهد الذي يبذله التحالف السوري للانترنت.

في المقابل أدارت الحوار المديرة التنفيذية لمؤسسة "مهارات" رلى مخايل، واستضافت شخصيات من قطاعات الاعلام وتكنولوجيا المعلومات والمجتمع المدني لالقاء الضوء على مبادئ حرية الانترنت عبر محاور ثلاثة: الحق في استخدام الانترنت بحرية، بجودة عالية وبسهولة، تطوير القطاع ووضع أسس له، والحماية.

اذ تناولت نائبة مديرة الاخبار والبرامج السياسية في قناة "الجديد" كرمى خياط المبدأ الأول من مبادئ حرية الانترنت، وهو "الحماية غير المشروطة لاستخدام الانترنت". وقالت: "في لبنان كل شيء حر الى ان يمس بالسياسيين". اضافت "ان هذه الحرية محدودة في ظل المحاكمات الانتقائية لاسيما ان هناك جيوشا الكترونية تسيء للاخرين على الانترنت من دون اية محاسبة، في وقت يلاحق المدونون ويحاكمون تحت القضاء الجنائي". واوصت بضرورة تنظيم عمل المدونين "والاعتراف بهم كجسم صحافي لتشجيع المدونين بلعب دور المراقب بدل محاكمتهم". ونوهت بتأثير الانترنت الايجابي على الصحافيين الذين باتوا اكثر جرأة اذ لم يعد في الامكان اخفاء اي خبر فالانترنت اليوم يساعد الصحافة على التقدم".

وتطرق الدكتور خلدون فرحات، رئيس مجلس ادارة "تيرانت" و"كايبل وان"، الى المبدأين الثاني والثالث وهما "مستوى خدمة الانترنت وحق الوصول"، مذكرا بدور القطاع الخاص الذي انشأ شبكة الانترنت في لبنان قبل اية دولة عربية، "لكننا لغاية اليوم نعاني من اسباب تنظيمية في وقت يعتبر الوصول للمعلومات عبر الانترنت حقا اساسيا لكل انسان ومن واجب الدولة والمؤسسات تأمين البنية التحتية اللازمة". واوصى فرحات بضرورة ابعاد الانترنت وقطاع الاتصالات عن السياسة لان الناس في حاجة الى الانترنت.

اما المبدأ الرابع أي "المحتوى"، فاعتبره رئيس مجلس ادارة "ستاتيستكس ليبانون" وموقع "ليبانون فايلز" ربيع الهبر ايجابيا بحيث انه اصبح ينافس اليوم الاعلام التقليدي وليس العكس. "لذا أنشأت كل الوسائل التقليدية مواقع الكترونية لتنافس".

وتكلم اكرم كرامه، خبير في الحماية عبر الانترنت عن المبدأ الخامس، أي سلامة الاطفال على الانترنت، موضحا انه "دائما نتكلم عن مخاطر الانترنت على الاطفال في وقت هو فرصة لهم، فهم اصبحوا مواطنين رقميين والمطلوب ادوات وبرامج تساعدهم على ترشيد استخدام الانترنت عند الاطفال وبناء ثقافة المسؤولية لديهم".

في السياق ذاته تحدث جان بيار قطريب، أستاذ جامعي وعضو في "منظمة حقوق الانسان والحق الانساني"، عن المبدأ السادس وهو حقوق الانسان، فأكد ان "الحقوق نفسها التي نتمتع بها خارج حيز الانترنت يجب ان نتمتع بها على الانترنت". وحذر "من انتهاك هذا المبدأ بذرائع حماية الامن القومي، وشدد على ان ملاحقة الصحافيين والناشطين من السلطات يجب ان تتم فقط في حال ثبوت سوء النية والتكرار كما ان الجهات الصالحة لمحاسبتهم يجب ان تكون المحاكم العادية لا الخاصة كما هو الحال اليوم".

في حين تكلم مدير قسم التكنولوجيا في الاسكوا الدكتور حيدر فريحات، عن المبدأ السابع وهو "التعاون"، لافتا الى ان منتدى حوكمة الانترنت العربي الذي اطلق قبل ثلاث سنوات يشكل مظلة سليمة تجمع كل اصحاب المصلحة لمناقشة قضايا الانترنت، خصوصاً ان التوصيات ترفع للامم المتحدة التي تعمل على التنسيق مع الدول.

اما المبدأ الثامن، اي "الممارسات التجارية"، فأكد جلال فواز، رئيس "جمعية المهنية المعلوماتية في لبنان" على ضرورة ان تركز الدولة على المنحى الاقتصادي للانترنت بدلا من ملاحقة من يعبر عن رأيه على الانترنت.

في ما يتعلق بالبند التاسع، أي "التشريعات والقوانين"، استعرض المحامي طوني مخايل، الخبير القانوني في "مؤسسة مهارات"، التشريعات المقيدة لحرية الانترنت في لبنان لاسيما قانون تنظيم خدمات الاتصالات وقانون حماية سرية التخابر. واوضح ان هناك تخوفاً من تنظيم الانترنت اذ سيتضمن قيوداً، "لذا نحن مع تنظيم الشق التقني، اما المحتوى فيخضع للقوانين العامة". واضاف ان اقتراح قانون "مهارات" يحل هذه المسألة اذ يساوي بين كل وسائل الاعلام والناشطين، ويخضعهم لنفس القانون لناحية المحاسبة على المحتوى الرقمي او غير الرقمي، في ظل الازدواجية في المعايير اليوم.

وقالت المدونة ريتا كامل، في حديثها عن المبدأ العاشر عن "الخصوصية"، انها لا تشعر كمدونة بالحماية اذ تتم محاكمتها اليوم على تدوينة وهي لم تستعمل اي كلمات غير اخلاقية بل تسعى الى التوعية الاجتماعية واضافت "بت اليوم اخاف من الكتابة خوفا من الملاحقة".