نسي الناس همومهم المعيشية والاقتصادية والحياتية والأمنية. لم يستفزهم "متاجرة" السياسيين بهم. لم يحركهم الموت على أبواب المستشفيات، أو استجداء الدواء. تمر هذه الحكايا مرور الكرام. لكن غاظهم كثيراً الصورة التي ظهرت فيها النائب بهية الحريري وهي تراقص زميلها محمد رعد في برنامج "هيدا حكي" الذي يقدمه عادل كرم.

في "هيدا حكي" على تلفزيون MTV، استعان كرم ببرنامج "الرقص مع النجوم" ليسقطه على السياسيين. وضع المونتاج رأس الحريري على جسد إحدى النجمات، وإلى جانبها رعد. فقط لا غير. لكن نزل أنصار الحريري الى الشارع وقطعوا الطريق عند جسر الاولي عند مدخل صيدا بالإتجاهين بالإطارات المشتعلة. وأعرب المحتجون عن استنكارهم للإساءة للنائب الحريري، واعتبروها "إساءة سافرة لصيدا وأهلها". وطالبوا رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام باتخاذ موقف من هذه الإساءة، وادارة المحطة بالاعتذار، ملوحين بالمزيد من التحركات والتصعيد.

من جهته، يبدو أن كرم سعى إلى امتصاص الاحتجاجات، مغرداً: "الست بهية بتمون وقلبها كبير والاعتذار واجب على هفوة الحرمة الدينية غير المقصودة في المونتاج، ولشخص السيدة الفاضلة بهية الحريري".

كما على الطرقات، اشتعلت النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي. قالت إحداهن إن "لا أحد يتقبل النقد: أنصار النائب بهية الحريري يقطعون طريق جسر الأولي احتجاجاً على التعرض لها". فيما قال آخر إن "الحجاب عند الاسلام من ضمن اللباس الشرعي. تخيلي مثلا راهبة خلعوا ملابسها وتركوا حجابها. هل هذا مقبول؟ في جميع الأحوال، اعترف عادل بالخطأ واعتذر".

تخرج الناس إلى الطرقات وتفترشها لتتضامن مع زعيم سياسي انتقدته إحدى البرامج التلفزيونية الساخرة. كل ما تبقى لا يهمهم، حتى أنفسهم.

في هذا المجال، اعتبرت "مؤسسة مهارات" انه اذا كانت الصورة الساخرة التي عرضت للنائب الحريري اتت بمعرض التعليق على مواقف الحريري السياسية كونها شخصية عامة طالما  تناولتها برامج النقد السياسي الساخرة في أشكال ومضامين مختلفة هي وغيرها من السياسيين، فهذا من حق الإعلام في أي مجتمع ديموقراطي، طالما لا يقصد به المس بشعائرهم الدينية كازدراء الحجاب.

واشارت "مهارات" في بيانها إلى ان "الرسوم والصور الكاريكاتورية وسيلة وشكل من أشكال التعبير التي تعتمد على إيصال الفكرة والرأي الناقد بواسطة الصور المعبرة بشكل فكاهي مصحوبة ببعض التعليقات، ما يجعلها أقرب إلى ذهن المشاهد، فتحل الصورة مكان الكلمة والفكرة التي أراد صاحبها ايصالها الى الجمهور. وفي الرسوم الكاريكاتورية عادة لا ينظر الى الصورة بشكل مجرد وانما الى المغذى او الرسالة او الفكرة التي اراد صاحبها ايصالها الى المشاهد العادي، وطالما كانت هذه الفكرة او الرسالة لا تشكل تشهيرا او اساءة، فإن الرسم او الصورة المجردة لا يمكن اعتبارها كذلك وفصلها عن العمل النقدي المتكامل.

وعلى مؤيدي السياسيين، إذا كانوا ديموقراطيين في تفكيرهم وقناعاتهم، ان يتقبلوا النقد السياسي الساخر لقياداتهم، حتى ولو تم إظهارهم في صور غير مألوفة، طالما الهدف الاساسي منها هو نقد افعال واقوال هؤلاء الاشخاص ومواقفهم، وليس النقد المجاني فقط".

قالت الحريري إنها ستلجأ إلى القضاء. كان يمكن الاكتفاء بهذا الخيار الديموقراطي، من دون قطع الطرقات والجدال الذي وصل حد الاهانة والتجريح بين اللبنانيين على وسائل التواصل الاجتماعي.