جينو "الخارق" أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة
يبدو أن طلب النيابة العامة التمييزية من مكتب "مكافحة جرائم المعلوماتية" ايداعها الملف في 17 ايلول 2013، في قضية استدعاء الصحافي مهند الحاج علي، بقي في اطار القضية الفردية. لم يتم تكريس هذا العرف وجعله ينسحب على الصحافيين وكل من يعبر عن رأيه. بالأمس كان ربيع فران ومهند الحاج علي، واليوم جينو رعيدي.
هكذا يختار مكتب "مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية" صحافياً وناشطاً بعد الآخر للمثول أمامه. يستغرق التحقيق بضع ساعات. خطف المكتب الأضواء من السيارات المفخخة ومن الانتحاريين على مواقع التواصل الاجتماعي. باتت التهم المتكررة بـ "القدح والذم" للصحافيين والناشطين الإلكترونيين هي وسيلة ترهيب وعصا غليظة في مواجهة حرية التعبير.
مدونة جينو باللغة الانكليزية كانت سبب استدعائه أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية بتهمة القدح والذم على خلفية ادعاء شركة Bonofa للتجارة الإلكترونية قضائياً على رعيدي، بسبب تناوله احد منتجاتها ( cube7 ) في مقال على مدونته، كما قال رعيدي في حديث لـ "مهارات نيوز"، مضيفاً أن المقال لم يحتو على أي ألفاظ تتضمن القدح والذم، ولكنه احتوى على نوع من التنبيه حول طريقة عمل تلك الشركات". استمر التحقيق قرابة الثلاث ساعات، تم خلاله امضاء تعهد حول عدم استخدام الفاظ قدح وذم ضد الشركة في المستقبل من دون توجيه تهم. وهو امر لم يثر حفيظة رعيدي لأنه ملتزم بنص القانون، الذي لم يقم بمخالفته، على ما قال.
في المقابل، تحولت صفحة رعيدي على "تويتر" إلى جبهة تضامن من قبل الناشطين بعد تغريدة لرعيدي أكد فيها استدعاء المكتب له من دون ذكر التهمة. خمن البعض أن الاستدعاء تم بسبب انتقاده لقوى الأمن في مدونته، أو لتناوله بعض الشخصيات السياسية بشكل ساخر. رأوا أن القضية تمسهم، فالكثير منهم تعرضوا للإستدعاء من قبل المكتب، ولم يتم معرفة سبب الاستدعاء. واستخدمت عصا إمضاء "التعهد" كنوع من الترهيب لعدم تكرار ما تم اعتباره مخالفة، وخصوصاً أنه لا يحق للشخص المستدعى أن يحضر محامي معه إلى التحقيق. والسؤال المطروح كيف يتم استدعاء شخص الى التحقيق من دون معرفة التهمة الموجهة إليه؟
من جهته، يؤكد المستشار القانوني لمؤسسة "مهارات" المعنية بحرية الرأي والتعبير طوني مخايل أن "الإستدعاء يتم لهدفين، إما بهدف الاستماع إليه على سبيل المعلومات في قضية معينة، أو الاستدعاء للتحقيق معه للاشتباه بإرتكابه إحدى الجرائم، وهنا يجب على عناصر الضابطة العدلية إبلاغه بالجرم المنسوب إليه، وتلاوة حقوقه قبل إجراء أي تحقيق معه". ويتابع أن "الإحتجاز لا يمكن أن يتم إلا بقرار من النيابة العامة، والاحتجاز لمدة 48 ساعة، قابلة للتجديد 48 ساعة بقرار من النيابة العامة".
وأعاد مخايل التذكير بأن "فعل ممارسة حرية الرأي والتعبير هو عمل يومي مرتبط بمواقف الأشخاص وآرائهم في ما يتعلق بقراءة الحوادث وإثارة القضايا العامة للنقاش العام، ولا يمكن أن تخضع المساءلة الجزائية لمثل هذا الفعل للأصول العادية التي تقضي بالمثول أمام الضابطة العدلية والخضوع للإجراءات التي تعتمدها بالنسبة الى الجرائم الأخرى، كالقتل والسرقة والاحتيال والقرصنة الالكترونية وغيرها".
من هنا، كان اقتراح القانون الذي تقدمت به مؤسسة "مهارات" لتعديل قوانين الإعلام في لبنان، وقد أنهت لجنة الاعلام والاتصالات مناقشته. ويقضي بأن "تنظر المحاكم المختصة مباشرة في قضايا جرائم النشر من دون أن يكون للنيابات العامة أو الضابطة العدلية (مخافر الدرك، مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية....) حق التحقيق المباشر مع أي من المدعى عليهم (صحافي، مدون، ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي..)، أو الإستماع إلى أحدهم أو إحتجاز حريته في جرائم النشر.
وتضمّن الاقتراح منح المدعى عليه في قضايا النشر حق عدم الحضور شخصياً أمام المحكمة، على أن يتمثل بموجب محام ما لم يقرر القاضي أو المحكمة حضوره الشخصي للإستماع إلى أقواله إذا دعت الحاجة.