في الذكرى الثانية لجريمة انفجار مرفأ بيروت: لا إصلاح ولا تعافي، وحده الإفلات من العقاب سيد الموقف
في ذكرى السنتين لانفجار مرفأ بيروت، أعادت هيئة الإشراف لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الاعمار مراجعة ما تم تحقيقه منذ اطلاق خطة التعافي التي ترتكز على حقوق الانسان اولا ومسار الاصلاح والاعمار ثانيا. هذه الخطة أعطت صوتا للمجتمع المدني على مستوى المجموعة الاستشارية وعلى مستوى الاشراف عبر تعيين اعضاء هيئة الاشراف من المجتمع المدني. عقد القيمون على هذه الخطة ٤ اجتماعات استشارية لاصحاب المصلحة المتعددة من الحكومة والمجتمع المدني والمجتمع الدولي. سعى القائمون عليها الى تأمين الاطار المناسب لتنفيذ بنود الخطة التي تم اقرارها رسميا في البيان الوزاري لحكومة ميقاتي. الا ان الاجتماع الاخير الذي حصل في هذا الاطار في ٤ نيسان ٢٠٢٢ في السرايا الحكومي بين ان معظم الاصلاحات لا تزال في وضعية "قيد التنفيذ" اي انه لم يتحقق اي شيء يذكر من الاصلاحات بمجملها.
ويذكر ان الاصلاحات التي تضمنتها خطة التعافي تتمحور حول اربعة ركائز هي:
- تحسين انظمة الحوكمة ورفع مستوى المساءلة؛
- تأمين فرص العمل والفرص الاقتصادية؛
- تعزيز الحماية الاجتماعية، الاندماج الاجتماعي، والثقافة؛
- تحسين الخدمات والبنية التحتية
وتشكل محطة ٤ آب مناسبة لهيئة الإشراف لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الاعمار لاعادة التذكير ان الدولة بكافة مؤسساتها لم تبذل الجهد المطلوب للاستجابة لمتطلبات الازمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي يمر بها لبنان والازمة الانسانية التي استجدت بعد انفجار المرفأ، وان كانت السرايا الحكومية تستضيف الاجتماعات والوزارات والمؤسسات المعنية تشارك في مجموعات العمل الاستشارية، الا ان ما يعكس جدية الاستجابة هو ما تم تحقيقه وانجز بعد سنتين وما تحقق يكاد يكون لا يذكر. في مراجعة للتقدم المحرز الذي قدمته المنسقة المقيمة (السابقة) للامم المتحدة للشؤون الانسانية، نجاة رشدي، في اخر اجتماع استشاري لاصحاب المصلحة في السرايا الحكومي في نيسان الماضي، بدا واضحا ان الاصلاحات تراوح مكانها.
لذا يهمنا ان نلفت الى التالي:
على مستوى التحقيق في جريمة انفجار المرفأ
ما زال الافلات من العقاب سيد الموقف في جريمة انفجار المرفأ حيث تمت عرقلة التحقيق العدلي وتوقفت التحقيقات بسبب دعاوى رد تم رد البعض منها (من دون أي غرامات لأصحابها بسبب مخالفتها الأصول)، وقد وقفت مسألة الحصانات سدا منيعا في وجه التحقيق العدلي، وحاول مجلس النواب المنتخب حديثا في جلسة ٢٦ تموز ٢٠٢٢ البرلمانية تشكيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء عبر تعيين نواب ووزراء بالتزكية والذي لا يتطابق مع مبدأ المحاكمة العادلة، مع تحفظنا على كل المحاكم الاستثنائية والتي بدورها لا تؤمن حق التمييز في قراراتها.
ترى هيئة الإشراف أن الدولة، بمؤسساتها التنفيذية والتشريعية، قامت بمخالفات دستورية من خلال التدخل في عمل السلطة القضائية وعدم احترام استقلالية القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات، مما أعاق مسار العدالة وووضع الحواجز أمام استمرار التحقيق، وبالتالي أدى الى تأخير مسار العدالة في هذه الجريمة وكرس مبدأ الإفلات من العقاب الذي بدأ مع انتهاء الحرب الأهلية.
على مستوى الإصلاحات
على مستوى الاصلاحات المطلوبة، انجز قانون الشراء العام، الا انه من الواضح ان هناك تأخير غير مبرر في تعيين هيئة الشراء العام. كذلك، عينت هيئة مكافحة الفساد عبر مسار اتسم بغياب الشفافية الا انه لم تقر لها ميزانية. أما بالنسبة لقانون الحق في الوصول إلى المعلومات، فلا تزال معظم الوزارات المعنية مباشرة بإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الاعمار لا تلتزم بموجبات النشر الحكمي بحسب القانون رقم 28/2017. كما حتى الآن، لم يتم تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء التي تعد اولوية اصلاحية، أو هيئة ناظمة لإدارة المرفأ. لغاية اليوم لم تقر الموازنة العامة لسنة 2022، بالرغم من الضرورة الإقتصادية لذلك. كما لم يتم اقرار قانون استقلالية القضاء. ولا تزال الهيئة الوطنية لحقوق الانسان من دون موازنة وتم عرقلة عملها من خلال تعديل القانون 62\2016 والذي ربط بدء عملها بإقرار المراسيم بالرغم من قسم اليمين. هذا فضلا عن عدم اقرار القوانين المطلوبة للنهوض بالاصلاح الاقتصادي والمالي و اقرار قوانين شكلية، مثل قانون السرية المصرفية.
المطلوب من المجلس النيابي المنتخب حديثا ان يلتزم تنفيذ بنود خطة التعافي ويسرع في دراسة واقرار القوانين المرتبطة بالاصلاحات التي تنص عليها، وممارسة دوره الرقابي على اعمال الحكومة ومساءلتها لتنفيذ هذه الالتزامات، وذلك فور تشكلها. في ظل حكومة تصريف الاعمال، على هذه الاخيرة ان تستخدم صلاحياتها بما تقتضي الضرورة وعلى رئيس الحكومة المكلف ان يسرع بتشكيل حكومة تقوم بواجباتها وتنفذ التزاماتها.
على مستوى المساعدات
تم إطلاق أربع مبادرات تمويلية من قبل برنامج الصندوق الائتماني المُخصَّص للبنان لدعم مسار التعافي وهي صندوق اعادة بناء مؤسسات الاعمال في بيروت على نحو افضل، ومشروع إعادة إعمار المساكن المتضررة وتعافي قطاعات التراث الثقافي والصناعات الإبداعية في بيروت، ومشروع دعم احتياجات التعافي الاجتماعي للفئات الضعيفة في بيروت واتفاقية برنامج التأهيل البيئي الملح وإدارة النفايات في بيروت.
الى اليوم لم تطلق المنصة التفاعلية مع المواطنين التي كان من المفترض ان تشكل نقطة الارتكاز في التواصل العام معهم لاعلامهم بكل المنح والمساعدات والاعمال المنجزة واتاحة آليات الشكاوى.
المطلوب من مسؤولي المنح التمويلية مزيد من الجهود لتعزيز التواصل العام والاستماع الى الناس والوصول إليهم بطريقة دامجة تطال كافة المتضررين بشفافية، كما الانتباه الى عدم تقديم أي دعم قد يتم استخدامه لانتهاك حقوق الإنسان، إن من خلال وضع آليات تمييزية وغير عادلة أو تضر المؤسسات الرسمية والشفافية.