تحالف الإصلاح الانتخابي: التمديد للمجالس البلدية مرفوض والبدائل متوفرة
على بعد أقلّ من شهرين من الموعد المفترض للانتخابات البلدية والاختيارية المحدّد قانونًا في شهر أيار من العام الحالي، وفي وقتٍ كان يفترض أن تشهد المرحلة الحالية ذروة التحضيرات والحملات الانتخابية، تغيب أي مؤشّرات توحي بوجود استعدادات فعلية لإنفاذ الاستحقاق في موعده.
على العكس من ذلك، تتداول الأوساط السياسية والإعلامية باحتمالية تمديد جديد للمجالس البلدية والاختيارية، في سيناريو لن يكون الأول من نوعه، بعدما لجأ مجلس النواب إلى مثل هذا التمديد لمرّتين متتاليتين.
وإذا كانت الحكومة والمجلس النيابي قد تذرّعا في العام 2022 والعام 2023 بأسباب غير مقنعة لتبرير التمديد، على غرار عدم الجهوزية اللوجستية والظروف الاقتصادية والفراغ الرئاسي، تضاف اليوم حجة الظروف الأمنية الناتجة عن القصف الإسرائيلي على مناطق لبنانية عدة، ولاسيما جنوب لبنان، كما ورد في تصريحات عديدة لمسؤولين سياسيين.
علمنا أن الإعداد لمشروع التمديد قد بدأ، رغم إعلان وزير الداخلية جهوزية وزارته وتحديد أيام محتملة لإجراء الانتخابات، ورغم تضمين اعتمادات لتغطية نفقات الانتخابات البلدية ضمن موازنة 2024. لم ينعكس ذلك على أرض الواقع، وكأنّ الجميع في انتظار بلورة المَخرَج المناسب، وهو ما يفسّر تقاذف الكرة مرة أخرى بين الحكومة ومجلس النواب، مع إعلان وزير الداخلية والبلديات أنه "مجبر على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، إلا إذا فعل مجلس النواب عكس ذلك".
بناءً على ما تقدّم، يحذّر "تحالف الإصلاح الانتخابي" من أي خطط مضمرة لدى مجلس النواب لتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية للمرّة الثالثة على التوالي، ويؤكد أن الحكومة ملزمة قانونًا بإجراء الانتخابات في أيار المقبل، بمعزل عن أي اعتبارات أو حسابات أخرى. ويذكّر التحالف بضرورة تشكيل لجنة لوضع خطة توجيهية لتسهيل مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الانتخابات، ترشحًا واقتراعًا، والبدء الفوري بتجهيز المراكز الانتخابية وتدريب المعنيين بالعملية الانتخابية على كيفية التعامل مع المقترعين من ذوي الإعاقة.
ويشدّد التحالف على أن القاعدة يجب أن تكون إجراء الانتخابات في موعدها التزامًا بالدستور والقانون، واحترامًا لمبادئ الديمقراطية والوكالة الشعبية وتداول السلطات، في وقت يُظهر سلوك بعض الكتل النيابية بأن القاعدة التي تستند إليها السلطة هي الاتفاق على التمديد، لتبحث بعدها عن الذرائع والمخارج لتبريره.
وفي وقت يعبّر التحالف عن تضامنه الكامل والشامل مع سكان جنوب لبنان وسائر المناطق التي يستهدفها القصف الإسرائيلي منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، ويؤكد ضرورة أخذ هذا الأمر في الاعتبار خلال التحضير للانتخابات، يشدّد على أن الحل ليس بالتمديد في أي حال من الأحوال.
وفي هذا السياق، يلفت "تحالف الإصلاح الانتخابي" إلى أن الوضع الناشئ عن القصف الإسرائيلي ينبغي أن يكون حافزًا لإجراء الانتخابات، لا إلى تأجيلها، بالنظر إلى الدور الذي يجب أن تؤدّيه البلديات في التصدّي للأزمات المتفاقمة، علمًا أن قرابة 134 بلدية من أصل حوالي 1064 هي في حكم المنحلة اليوم، وهو رقم مرشّح للارتفاع في حال التمديد مجددًا للمجالس البلدية.
أكثر من ذلك، فإنّ النازحين من المناطق الواقعة تحت القصف، والذين تزداد أعدادهم يومًا بعد يوم، يحتاجون بشكل عاجل إلى مجالس بلدية فاعلة لإدارة أزماتهم. ولذلك، من الضروري وجود السلطات المحلية، ليس فقط في الجنوب، بل في لبنان كله، خصوصًا في ظل انكفاء السلطة المركزية عن أداء دورها.
وإذا كان تبرير سيناريو تأجيل الانتخابات مبنيًا على رفض تعريض المواطنين الجنوبيين للخطر في ظل الأوضاع الراهنة، فإن "تحالف الإصلاح الانتخابي" يؤكد وجود بدائل وخيارات يمكن للسلطة اللجوء إليها، حفاظًا على المبادئ الدستورية والديمقراطية الأساسية والجوهرية، بدلًا من الذهاب إلى الخيار الأسهل، وربما الأنسب لها، وهو التمديد.
من هذه الخيارات، على سبيل المثال، العمل على إدخال مشروع إنشاء "الميغاسنتر" حيّز التنفيذ، من خلال إنشاء مراكز اقتراع كبرى ليتمكّن النازحون من التصويت خارج الجنوب في حال استقرار الوضع الأمني، وهذا ما حصل سابقًا في أثناء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، عندما خُصّصت مراكز اقتراع بديلة للناخبين من المناطق المحتلة لتمكينهم من الاقتراع في الانتخابات النيابية.
أما إذا تعذّر ذلك لأسباب أمنية أو تقنية أو لوجستية، فباستطاعة الحكومة تأجيل الانتخابات في مناطق محدّدة، باعتبار أن إجراء الانتخابات البلدية في مراحل مختلفة ممكن لأن البلديات ليست هيئة موحّدة كمجلس النواب، وبالتالي يمكن إجراء الانتخابات في المناطق الآمنة وتأجيلها في المناطق التي تُعدّ أقل أمانًا.
ويذكّر التحالف بوجود سابقة في هذا المجال، تحديدًا في الانتخابات البلدية التي شهدها لبنان في العام 1998 في ظل الاحتلال الإسرائيلي لمناطق عدة في جنوب لبنان، حيث أرجئت الانتخابات في البلدات الواقعة تحت الاحتلال إلى ما بعد تحرير الجنوب في العام 2000.
من هذا المنطلق، يدعو "تحالف الإصلاح الانتخابي" مجلس النواب إلى عدم انتهاك الدستور والقانون من خلال تبنّي أي مشروع جديد للتمديد. كما يعلن أنه سيباشر جولة على مختلف الكتل النيابية للتشديد على مطلبه الرافض للتمديد.
ختامًا، يهم التحالف تأكيد صعوبة الظروف التي يمر فيها جميع اللبنانيين، ولاسيما في المناطق المتضرّرة من القصف الإسرائيلي، إلا أنه يرفض استغلالهم من قبل بعض الكتل النيابية لتبرير تأجيل الانتخابات، وهي كتل لم توفّر عذرًا إلا واستخدمته لتبرير انتهاك الدستور مرارًا وتكرارًا.
ويبقى أن التحالف يقرع من خلال هذا المؤتمر الصحافي جرس الإنذار، فالتأجيل الثالث للانتخابات البلدية والاختيارية، إن أُقرّ، يأتي في سياق مستمر من الشلل والتعطيل، وسط فراغ رئاسي بات أمرًا عابرًا لكثيرين، وكأن هناك مخططًا مضمرًا لتفريغ الدولة من أي مؤسسة فاعلة، وهو ما لا يجوز السكوت عنه.
تحالف الإصلاح الانتخابي المؤلّف من:
- الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركيًا
- الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات - لادي
- جمعية الشفافية الدولية لبنان - لا فساد
- مؤسسة مهارات
للاطلاع على البيان بنسخة PDF:
تحالف الإصلاح الانتخابي: التمديد للمجالس البلدية مرفوض والبدائل متوفرة