Fiscal Study 2024

رصد التغطية الإعلامية للقضايا المتعلقة بالشفافية المالية

"رصد التغطية الإعلامية للقضايا المتعلقة بالشفافية المالية"، دراسة أعدتها مؤسسة مهارات من خلال جمع التغطيات الإعلامية للقضايا المتعلقة بالشفافية المالية لناحية المالية العامة للدولة وموازنتها، المناقصات العامة والصفقات الحكومية، الرقابة على الإنفاق العام، الخطة المالية والإصلاحية والإدارة المالية لمصرف لبنان، ومن ثمّ دراستها. وتقوم هذه الدراسة على إعتبار أن الشفافية المالية تهدف إلى خدمة المصلحة العامة وتعزيز الحكم الرشيد من خلال توفير معلومات مفصّلة وواضحة عن كيفية جمع وإنفاق الأموال العامة وإدارة الموارد المالية للدولة. وعلى إعتبار أن وسائل الإعلام تلعب دورًا هاماً في تعزيز الشفافية المالية ومساءلة السلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال توفير المعلومات الأساسية والضرورية لمراقبة أعمال الحكومة وتنوير الرأي العام وتقييم الأداء العام والكشف عن الممارسات غير المشروعة.

 

امتدت فترة رصد وسائل الإعلام على مدى شهرين (كانون الأول 2023 وكانون الثاني 2024) وشملت 4 صحف محلية و6 قنوات تلفزيونية بهدف دراسة كيفية تغطيتها للمواضيع التي تعني المالية العامة للدولة ومدى تطبيق مبادئ الشفافية المالية في معالجة هذه المواضيع.

 

 

تميّزت الفترة الزمنية المرصودة بإستحقاقات عدة تعني المالية العامة مثل موضوع مناقشة الموازنة وإقرارها في مجلس النواب ومناقشة خطط الإصلاح الاقتصادي وإقرار قانون نظام التقاعد والحماية الاجتماعية وغيرها من المواضيع التي تعني مباشرة موضوع المالية العامة. وقد استأثر موضوع مناقشة الموازنة الذي امتدّ على أيام في مجلس النواب بالنسبة الأكبر من التغطيات بالنظر الى أبعاده السياسية والاجتماعية فضلاً عن أهميته المالية والاقتصادية. 

 

وبحسب الدراسة، بلغ عدد التقارير الإخبارية في  نشرات التلفزيون المسائية حول موضوع الشفافية المالية 164 تقريراً، فيما بلغ العدد في الصحف المرصودة حول الموضوع نفسه 131 تغطية. وبلغ عدد التقارير في الأخبار التلفزيونية التي أشارت صراحة أو ضمناً الى إحدى متطلبات الشفافية المالية 46 تقريراً أي ما نسبته 28%، أمّا في التغطيات الصحافية فقد  بلغت 55 أي ما نسبته 42%.

 

وبنتيجة الرصد تبيّن أن إهتمامات وسائل الإعلام تختلف في تغطياتها وخياراتها تبعاً لسياساتها التحريرية وللأحداث الجارية. فالقنوات التلفزيونية تعطي الأولوية للتغطية المباشرة من خلال متابعة الحدث أو المستجدات اليومية، لذلك حصد موضوع المالية العامة للدولة وموازنتها نسبة 75% من التغطيات، خاصة بسبب مواكبة القنوات مناقشات الموازنة العامة في مجلس النواب، فيما ترتفع في التغطيات الصحافية نسب تغطية موضوع الخطة المالية والإصلاحية وموضوع المناقصات العامة والصفقات الحكومية اللتين تواكبهما الصحف  بنسب أعلى. 

 

وجاءت التغطيات في النشرات التلفزيونية في غالبيتها الساحقة على شكل تقارير إخبارية وغابت عنها التحقيقات والمقابلات. كما كان الطاغي نوع التقارير الصحافية الذي بلغ 83% من مجمل التغطيات، تلاه نوع التحقيقات بنسبة 9%، ثم مقالات الرأي والتحليل 6%، فيما بلغت نسبة المقابلات 2%.

 

أما بالنسبة للنبرة المعتمدة في تغطيات نشرات الأخبار، فطغت نسبة الحياد وبلغت 60%، بينما بلغت نبرة الإتهام حوالي 28%. أمّا في تغطيات الصحف فقد تراجعت نسبة الحياد إلى 38% فيما ارتفعت نسبة الإتهام إلى 37% ونسبة التشكيك إلى 16%.

 

وأظهرت الدراسة أن التغطيات الإعلامية تمحورت حول فاعلين رئيسيين مؤثرين في صنع السياسات العامة أو التأثير فيها. فتصدّر النواب قائمة الفاعلين الرئيسيين في التغطيات التلفزيونية والصحافية معاً بنسبة وصلت إلى 47% في كلّ منهما. كما برز أعضاء الحكومة والقيّمون على مصرف لبنان كفاعلين رئيسيين بشكل خاص. وتبيّن أن الفاعلين الرئيسيين في  التغطيات التلفزيونية هم من السلطات الرسمية بنسبة 87%، بينما لا يتمثل مجموع القطاع الخاص إلا بنسبة حوالي 13%. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التغطيات الصحافية حيث لا يظهر القطاع الخاص كفاعل رئيسي إلّا في 12%.

 

في التوزّع الجندري، كان الفاعل الرئيسي في نشرات الأخبار التلفزيونية ذكورياً بإمتياز، إذ أن 94% من هذه التغطيات تعطي الدور للرجل فيما تغيب المرأة كلياً تقريباً، فهي لا تحظى سوى بنسبة 1%.  وكذلك  الأمر في التغطيات الصحافية فهي لم تنل سوى نسبة 3% كفاعل رئيسي فيما حظي الرجل بنسبة 84%. 

 

وفي وقت تُعتبر فيه العودة إلى المصادر الموثوقة والمتخصّصة من ضرورات العمل الصحفي ومؤشر على مهنيته، إلا أنه تبين في تحليل تغطيات الأخبار التلفزيونية المتعلقة بالشفافية المالية أن 90% من التغطيات وردت من دون العودة إلى مصدر محدد، وفقط 10% من هذه التغطيات استندت الى مصادر. فيما جاءت نسبة المصادر في التغطيات الصحفية أعلى بقليل منها في الأخبار التلفزيونية وبلغت نسبتها 15%.  

 

البرامج الحوارية في الإذاعة والتلفزيون حملت تعددية في الآراء، أضاءت على الأبعاد المتعددة في قضايا مطروحة تتناول قضايا مالية وسمحت المناقشات فيها بتبيان ثغرات في القوانين أو بتقديم اقتراحات حول إصلاحات ضرورية في هذا الميدان، وأعطت الكلام لأصوات غير الفاعلين السياسيين الرئيسيين وشكلت مصدراً مهماً للتعمّق في القوانين موضوع النقاش. لقد عززت هذه البرامج مفاهيم المشاركة والمناقشة والتثقيف العام.  

 

وخلصت الدراسة إلى أن وسائل الإعلام اللبنانية غالباً ما تعطي القضايا السياسية الأولوية على حساب القضايا الاقتصادية مع العلم أن الإقتصاد بات في أساس مختلف الأنظمة السياسية وركيزتها الأساسية ومقياس نجاحها، كما أن برامج الأحزاب والحكومات في غالبية الدول تقوم على طروحات اقتصادية ومشاريع حوكمة  بهدف تعزيز حياة المواطنين ورفع مستوى التقديمات لهم وتحقيق التنمية الاجتماعية.

 

وقد باتت وسائل الإعلام اللبنانية تعطي أهمية أكثر من السابق لهذه القضايا، لاسيما بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ سنوات، وبسبب معاناة الناس الإجتماعية وأزمة انهيار الليرة وانهيار القطاع المصرفي وغيرها، وإن كانت الأزمات السياسية والأمنية المتكررة غالباً ما تعيد الشأن السياسي إلى الواجهة. وبالتالي فإن وسائل الإعلام بإمكانها أن تلعب دوراً هاماً في إبراز القضايا الاقتصادية وشؤون الحوكمة ومراقبة إدارة الأموال العامة من خلال تغطية قضايا الشفافية المالية ومساءلة الحكومة والبرلمان. كما يمكن لوسائل الإعلام، الى جانب المواطنين ومنظمات المجتمع المدني والناشطين والمفكرين، المساعدة في تعزيز الشفافية والمساءلة في برامج وقرارات الإدارة المالية العامة. 

 

للاطّلاع على الملخّص التنفيذي:

رصد التغطية الإعلامية للقضايا المتعلقة بالشفافية المالية - الملخّص التنفيذي

 

للاطّلاع على الدراسة الكاملة:

رصد التغطية الإعلامية للقضايا المتعلقة بالشفافية المالية