Media Alert 6

مرصد مهارات للشفافية المالية نشرة دورية للصحافيين/ات - تشرين الأوّل 2024

عندما تندلع الحرب تتصدر مشاهد الدمار والموت والنزوح والمساعدات والتطورات الميدانية الاهتمام الإعلامي. لكن ثمة زوايا مختلفة تتصل بشفافية الأداء الحكومي وأداء المؤسسات والبلديات والهيئات المعنية بالاغاثة والكوارث والطوارئ، يفترض أن تبقى تحت مرصد الإعلام والرقابة.

 

هذا المرصد يحمي النازح وقدرته على الاستمرار من خلال منع انحراف المساعدات عن مستحقيها وابقاء آلية استلام المساعدات وتوزيعها في كل مراحلها خاضعة لأعلى معايير الشفافية وضمان وصولها كمية ونوعية الى النازحين. آلية تعزز ثقة المانح وتضع منفذيها عند أي تلاعب أو تقصير وعند أي مستوى تحت مجهر المساءلة والمحاسبة. فنشر كل المعلومات المتصلة بالمساعدات المقدمة من المال العام أو من هبات دولية وكيفية التوزيع وآليته ومراحله ومبادئ ضمان الشفافية يشكل تحديا أساسيا لا يجوز إغفاله تحت نار الحرب ومآسيها.

 

في الأيام الاولى من التصعيد الاسرائيلي والذي فرض نزوحا كبيرا برز حجم التخبط وبرز النقص الكبير في تأمين المساعدات للنازحين بما فيها أبسط التقديمات المتصلة بالفرش والأغطية وأدوات التنظيف والطعام علما أن مسار التحضير لإمكان وقوع حرب كان من المفترض أنه بدأ قبل فترة وذلك في ظل مؤشرات تصاعد وتيرة الاشتباك في الجنوب. حتى مع تقدم الحرب يبرز التخبط والإرباك عند كل طلب إخلاءات من مساحات كبيرة كما حصل في بعلبك ودورس وعين بورضاي يوم الأربعاء في الثلاثين من تشرين الأول. فالمساحة التي طلب اخلاؤها تصل إلى 45 كلم مربع وعشرات الآلاف من المواطنين غادروا على عجل والآلاف منهم بقي من دون مأوى ونام في السيارات وفي الطرقات.

 

بين الخامس والعشرين من أيلول والثاني والعشرين من تشرين الأول أي في الفترة السادسة لرصد فريق مؤسسة مهارات لمواضيع الشفافية المالية، وتناولها من قبل وسائل إعلامية مختلفة، أظهرت المؤشرات أن الحرب وتداعياتها والاهتمامات المرافقة لها، رسمت نتائج مختلفة عن الفترات السابقة. فالخطة المالية والإصلاحية كما الادارة المالية لمصرف لبنان تراجعت في سلم المواضيع الأكثر تداولا عن الشفافية المالية، لصالح تصدر عنوان الادارة المالية للجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث والأزمات، وهذه مسألة بديهية في ظل نزوح مئات الآلاف من المواطنين من المناطق التي تشهد اشتباكات أو تلك التي وجهت إنذارات لاخلائها.

 

 

أما المالية العامة للدولة وموازنتها فهي بقيت موضوعا رئيسا انطلاقا من أن الحكومة كانت وتحت ضجيج الحرب، قد هرّبت مشروع الموازنة الى المجلس النيابي، الذي من خلاله يمكن أن يمر المشروع في أطر الدراسة التشريعية من اللجان الى الهيئة العامة للمجلس النيابي. وبالتالي، تستوجب هذه المسألة المتابعة الاعلامية من قبل الصحافيين رغم اهتمامات تغطية الميدان وتداعياته، إذ أن الموازنة بأهميتها تفترض بنودها وآثارها على شرائح مختلفة، وعلى مالية الدولة رقابة واهتماما إعلاميا دائما.

 

 

التبدل في نتائج الرصد لهذه الفترة في ظل الحرب انسحب على أبرز الفاعلين في القضايا المرصودة المتعلقة بالشفافية، إذ ظهرت في اللائحة دولة الإمارات العربية المتحدة مثلا انطلاقا من حملتها لجمع التبرعات والمساعدات للبنان، كذلك برز ظهور وزراء البيئة والصحة والشؤون الاجتماعية والمحافظين والبلديات لأدوارهم في مواجهة تحديات النزوح والإصابات .

 

خارج إطار نتائج الحرب وتأثيرها على مؤشرات الشفافية، وفي نتيجة متصلة بأزمة سابقة، حضرت مجموعة العمل المالي FATF كأبرز الفاعلين في القضايا المرصودة المتعلقة بالشفافية.

 

 

فالمسار الذي بدأ قبل فترة طويلة والذي توج بوضع لبنان على اللائحة الرمادية يفسر تقدم مجموعة العمل المالي في سلم أبرز الفاعلين كما يفسر تصدر اللائحة الرمادية المواضيع جدول المواضيع المرتبطة بالشفافية المالية إلى جانب تعاميم مصرف لبنان بخصوص الودائع.

 

 

 

يشرح ياسين أن هناك ثلاثة مصادر لخطة الطوارئ الحكومية:

- المصدر الأول التعاون من المنظمات الدولية مثل برنامج الاغذية العالمي واليونسيف وهذا التنسيق تطلب اشهرا قبل بداية النزوح.

 

- المصدر الثاني هو المساعدات العينية التي تصل تباعا الى لبنان، التي تركز على الأدوية وصناديق اغاثة تتضمن غذاء ومستلزمات اخرى مرتبطة بالنظافة، وهي اساسية في الأيام الاولى للحرب وقد تم تفعيل آلية تسليمها عبر المحافظين. فكل طائرة تحمل ما يعادل 40 طن او 1100 حصة غذائية تصل عبر المطار الى مستودع واحد مسؤولة عنه لجنة الطوارئ. أما آلية التوزيع فتتم عبر المحافظين لأن هنالك غرف عمليات في المناطق يديرها المحافظون.وعندما يحصل المحافظ على المساعدات يقوم بتوزيعها عبر البلديات والقائمقام، وبعد ذلك تصدر تقارير موقعة من المستفيدين وتصل الى غرفة الطوارئ وهذا كله ينشر وهناك منصة في رئاسة مجلس الوزراء يستطيع أي شخص الوصول إليها ويعرف كل مساعدة الى اين وصلت وفي أي وقت ولمن وصلت.

 

- المصدر الثالث فهي المؤسسات الحكومية، مثل الهيئة العليا للإغاثة، مجلس الجنوب، وزارة الصحة، وزارة الشؤون الاجتماعية، وهذه المؤسسات تعمل ضمن آليات الدولة اللبنانية. وهناك ارباك في توزيع المساعدات في بعض الأحيان ولكن هذا يحدث بشكل محدود. وفي هذا المجال يشير ياسين الى أن الية ستصدر عبر تعميم من مجلس الوزراء عن كل مساعدة (أين وصلت ولمن وصلت) وستنشر المعلومات أونلاين، وهي فرصة للدولة لإثبات قدرتها على بناء مؤسسات وطنية قوية تخدم المواطنين.

 

أما المساعدات الإنسانية والتي تم التعهد فيها في مؤتمر باريس وتصل الى حدود 800 مليون دولار فهي هبات مالية بأغلبيتها ولن تقدم للدولة اللبناني إنما هي مساعدات ستعطى للمنظمات الدولية الشريكة في خطة الاستجابة لحاجات النازحين وتأثيرات الحرب. وستقوم كل منظمة بحسب اختصاصها بعد حصولها على الهبة بالتنسيق مع الوزارة المعنية لتأمين الخدمة والاستجابة المطلوبة. فاليونيسيف مثلا تنسق مع وزارة الطاقة لكيفية تأمين المياه أو دعم مؤسسات المياه. وهذا ينسحب على باقي المنظمات بالتنسيق مع وزارات أخرى لتقديم الخدمات الإنسانية والعامة الأساسية كتأمين الغذاء وتأمين المحروقات لموسم الشتاء وخدمات التعليم والصحة والمياه والنظافة.

 

يضيف ياسين وفي إطار ضمان الشفافية والرقابة وبالتعاون مع المنظمات الدولية فإن المساعدات ستخضع للتتبع. فالمساعدة التي تصل ستخضع للتتبع مع المنظمات الدولية، والى أي قطاع قدمت ومن يدير هذا القطاع وكيفية تنفيذها في شكل شفاف وستكون هناك عملية تدقيق دائمة من مدققين مستقلين كما أن هناك لجانا تشاركية بطلب من بعض الهيئات المانحة لتقوم دائما بالمتابعة والتقييم.

 

 

كيف يمكن للصحافيين متابعة التزام الحكومة بشأن تعزيز الشفافية في نشر المعلومات حول المساعدات الواردة وآلية توزيعها، و الامتثال لقانون الحق بالوصول إلى المعلومات؟

 

تحدث الوزير ناصر ياسين عن منصة في رئاسة مجلس الوزراء لنشر تفاصيل المساعدات التي تصل مباشرة إلى لجنة الطوارئ والتي يتولاها المحافظون والى اين وصلت.

- من المهم متابعة مدى التزام الحكومة بتنفيذ الوعود المتعلقة بتعزيز الشفافية بنشر المعلومات بشكل دوري ومستمر حول المساعدات الواردة من الخارج وآلية توزيعها التزاماً بقانون الحق بالوصول إلى المعلومات وذلك من خلال الدخول الى رابط المنصة.

- مراجعة التقرير الأسبوعي الذي يصدر في هذا المجال يمكن أن يشكل مصدرا إضافيا للمعلومات.

 

أما الاحجام عن نشر المعلومات والتفاصيل عن أي مساعدات وصلت الى لبنان فليس ما يمنع ملاحقتها، وذلك من خلال استخدام قانون الحق بالوصول الى المعلومات الذي يسمح بتقديم طلبات مجانية لرئاسة الحكومة أو أي وزارة أو هيئة أو مجلس للحصول على كافة المعلومات المتصلة بأي مساعدة تكون موضوع شبهة. كما يمكن للصحافيين المهتمين بملاحقة قضايا الشفافية اللجوء الى مقارنة ما يحصلون عليه من معلومات أو ما ينشر على المستوى اللبناني مع مصادر الدول والمنظمات المانحة. كما يفترض مراقبة مبدأ الإنصاف والعدالة من خلال التأكد من وصول المساعدات إلى مستحقيها وتوزيعها وفق معايير واضحة وشفافة.

 

بالنسبة للآلية التي ستصدر في تعميم عن رئاسة مجلس الوزراء بخصوص عمل الهيئات والمجالس الحكومية وبعض الوزارات فلا بد من الاضاءة عليها من باب تسريع اطلاقها ومن ثم مراقبة فعاليتها في تأمين المعلومات.

 

على مستوى آخر تم الإعلان عن استقبال رئيس حكومة تصريف الأعمال وفدا من نقابة خبراء المحاسبة المجازين برئاسة النقيب ايلي عبود بحضور وزير البيئة ناصر ياسين، وقال الرئيس ميقاتي خلال اللقاء: "أردت عقد هذا اللقاء معكم لطلب مساعدتكم في الإشراف على عملية التدقيق بكل المساعدات التي تصل، ان كانت عينية أو مادية، ومساعدتنا في المراقبة وإصدار تقارير أسبوعية وشهرية عن كل المساعدات التي تصل بكل شفافية."

 

فمن المهم متابعة هذا الموضوع وهل فعلاً قامت النقابة بوضع تقارير عن عملية التدقيق بجميع المساعدات الواردة إلى لبنان. كما من المفترض الوصول الى تلك التقارير ونشرها والاضاءة على أي ثغرة يسجلها المحاسبون.