الأطر التنظيمية للاعلام: كيف نوازن بين الحرية والمسؤولية الاجتماعية؟
"مهارات"
نظمت مؤسسة "مهارات" بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، بتمويل من المملكة المتحدة UK وبالشراكة مع وزارة الاعلام اللبنانية، ورشة عمل دولية بعنوان: "تجارب مقارنة من العالم حول دور الاعلام في تعزيز السلام والاستقرار الاجتماعي: اي تنظيم واي نموذج؟"، اليوم 21 آذار 2017، تخللها جلسة نقاش ثانية بعنوان "الأطر التنظيمية للاعلام كيف نوازن بين الحرية والمسؤولية الاجتماعية: عرض نموذجين عالميين: التنظيم القانوني والتنظيم الذاتي. نماذج من اوروبا، ونماذج من المنطقة العربية". أدارت الجلسة الاعلامية ديانا مقلد.
دراغومير
تحدّث ماريوس دراغومير، مدير "مركز الاعلام، الداتا والمجتمع" في جامعة European Central University، عن التحديات المطروحة في الصحافة المستقلة ومنها التمويل ونقاشات النموذج التجاري. قال: "انتشرت موجة أخبار كاذبة في عام 2016، وقد حان الوقت لنعرف من يتحكم باللعبة. مسعى بعض الدول لاأوروبية بالتدخل عبر القوانين لمحاسبة مطلقي الشائعات الكاذبة. وهذا ما يدفع إلى التفكير في تأطير النقاش حول تنظيم الإعلام وهو أمر ضروري. ففي فرنسا تجري دراسات عديدة بعد التطور التكنولوجي الحاصل، هذه القضايا يجب أن تناقش بشكل موازن بين التنظيم والتمويل. لا بد من إعادة مناقشة الهيئات الناظمة وكيف يمكن تسريح الصحافيين من عملهم، عادة تكون الهيئات الناظمة تابعة للأحزاب في السلطة وعند تبدل الأحزاب لا بد من تغيير العاملين والأعضاء في هذه الهيئات. لا بد من إيجاد مكان للمجتمع المدني داخل هذه الهيئات وهذا أمر يفسح في المجال أمام التنوع. ثمة نماذج عدة لتمويل الصحافة وثمة أزمة في النظام المالي المعتمد في الصحافة حول العالم، الصحافة المسائِلة والمحاسِبة لم تكن تملك يوماً أي نموذج، إنما الشركات هي التي كانت تملك تمويلاً". وتطرق إلى التمويل في عدد من البلدان الأوروبية.
حرب
كما داخلت الدكتورة زاهرة حرب، استاذة محاضرة في جامعة سيتي- لندن وعضو في الهيئة الادارية لشبكة الاخلاقيات الصحافية EJN، عن المسؤولية الاجتماعية والأطر التنظيمية للإعلام، أكدت "أن ميثاق البث المرئي والمسموع في بريطانيا يحدّد في البند الثالث منه تعريف "خطاب الكراهية" على أنه كل أشكال التعبير التي تنشر وتروّج الكراهية على أساس الحساسية المفرطة تجاه الأشخاص على أساس العرق أو الدين أو الميل الجنسي وسواها. كما يعرف العديد من المفاهيم المستخدمة في الإعلام". واعتبرت "أن استضافة الشخصيات الدينية التي تكفّر الآخر هي إحدى المسببات لتدني مستوى الخطاب ليصير خطاب الكراهية". وبيّنت نقاط خمس وضعتها شبكة الأخلاقيات الصحافية لاختبار مضمون خطاب الكراهية، منها مدى تأثيره وإذا كانت المواقف مرتبطة بأهداف معينة ما هي أهداف الخطاب والمصالح التي يجنيها.
غزواني
من جهتها اعتبرت سلوى غزواني، مديرة المكتب الاقليمي Article 19 في تونس، أن "لا زلنا في هذه المنطقة متعطّشين للحرية في التعبير وفي الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومات. وبعد 6 سنوات على الثورة لا يزال الإعلام يتخبط بالضغوطات السياسية والمال والمشبوه وقد ترك لمصيره. بالنسبة للمسؤولية الاجتماعية على الإعلام أن يحترمها، إنما عبر تعديل القوانين والعمل على النظم الذاتية والتنظيم الذاتي من قبل مؤسسات المجتمع المدني مقابل التنظيم القانوني ومنها قوانين جديدة لم يكن بالإمكان توقيعها إلاّ قبيل انتخابات 2011 في تونس".
صاغية
طرح المحامي نزار صاغية في مداخلته الحقوقية أسئلة عديدة حول أهمية أن يتم التفكير والنقاش المطروح بين الصحافيين. واعتبر أن أغلبية نصوص الأحكام الصادرة عن محاكم المطبوعات تكتب وكأنها قضايا ذم وقدح وتتحول محاكم العقوبات للصحافيين إلى محاكم للتهذيب والتأديب بدلاً من أن يكون هناك خطاب حقوقي يرفع مستوى الصحافيين.
وأضاف "كما نلحظ في الإعلام اللبناني توجهاّ لم يكن موجوداً من قبل، حيث فتح خطاب الكراهية الشهية أمام ملاحقة بعض الأشخاص، لكن علينا أن ننتبه أن هذا البلد لم تستوِ فيه النظم ولا يمكن ملاحقة الناس على هذا الأساس".
وتابع "ليس كل ما نكرهه يجب أن يعاقب عليه، ولدينا سلطات قمعيّة مما يثير الخوف كلما فتح النقاش حول رقابة وتنظيم الإعلام. إنه خطاب مرعب بالنسبة لي. لأننا في بلاد متعددة ومتفاوتة تصل إلى حد الحروب الدموية، لذا على الإعلام أن يكون لديه نوع من الانتباه والتفكير مع الصحافيين والحقوقيين وأصحاب الاختصاص لتخطي عقبات المويل وسواها مع قواعد الأخلاقيات والنظم". وقال: "إنما ليس علينا أن نترك الإعلام ليعود أداة للفتن والحروب وعلى الجسم الإعلامي أن يعيد بناء هذه النظم بنفسه. الخطر الأكبر ليس في الذم والقدح إنما بتمجيد بعض الشخصيات على حساب المجتمع وهو الخطاب المدمّر اجتماعياً وهكذا نشترك في الهيمنة على الناس عندما نعلي شأن أشخاص من خلال الخطاب".
خضر
أعلن ديمتري خضر، مدير عام قناة "الجديد"، "أننا نعمل مع باقي التلفزيونات على تحديث كيفية وصول الناس إلينا مع نموذج تجاري خاص بنا". ورأى "أن النقاشات يجب ألا تنسى وجود الانترنت في حياتنا. حيث أن النظم والرقابة على وسائل الإعلام التقليدية لا يمكن أن نفرضها على الانترنت. إذا نفذنا ضوابط خطاب الكراهية في مجتمعنا فإننا نجد أنه لا يمكن تنفيذه ولا باقي النماذج الأجنبية". وأردف "آخر قانون أنجزناه في التسعينات ويجب أن يكون أي قانون جديد متطوراً وقابلاً للتجديد والتعديل ومتحرّكاً، ويجب أن يكون هناك هيئة ناظمة بالتعاون مع النقابات والإعلام وأقرب إليهما وليس أقرب إلى السلطة".
شرّي
وكانت مداخلة لمحمد شرّي، مدير البرامج في قناة "المنار"، رفع فيها اللهجة ضد المنظمات الدولية وأبرزها الأمم المتحدة مثيراً مسألة استقالة ريما خلف، وسأل "هل نحن بحاجة إلى قوانين ومواثيق شرف؟ هذه المنظمات والدول ليست مرجعاً صالحاً لإسناد النصيحة بل هي ذات غايات. لا يعني هذا عدم الاستفادة من التجارب الأجنبية. وبدلاً من أن نتقدم فإننا نتراجع عن الإبداع ونلحق بعوامل جذب الرايتينغ. هل مخاطر الانترنت تعني أن نسير وراءه؟". وأضاف "المشكلة ليست في استضافة رجال الدين إنما في اختيار أي بينهم نختار، إذ نرى أن الإعلام يسعى وراء رجل الدين الذين يبثون الفتن ويملكون خطاب كراهية يجذب المشاهدين. في لبنان نحن في واحة من الحرية رغم سلبياتها ثمة تجاوزات يجب العمل على تخفيفها".
الهبر
وداخل ربيع الهبر، ناشر موقع "ليبانون فايلز"، أتقوع في عام 2025 أن يتنهي البث التلفزيوني ومعه الإذاعة والجريدة وسيبقى الهاتف وحده، وستنقضي صلاحية القوانين التي نتحدث عنها بعد 7 سنوات. وتطرق إلى مواقف السياسيين عبر "تويتر" والبث المباشر عبر فايسبوك الذين ينالان اهتمام الجميع. ولفت إلى أن القضاء يحاكم موقعاً أو مؤسسة إعلامية إنما لا يحاسب من ينشر بثاً مباشراً علماً أنه يمكن أن يصل إلى عدد أكبر من المشاهدين. وشدد على أهمية التثقيف والانضباط العام.
رمال
قدم مقرر الجلسة الدكتور علي رمال خلاصات واستناتجات وطرح أسئلة حول كل ما تقدم في الجلسة. واعتبر "أن ما طرح يتمحور حول التنظيم القانوني والرقابة الذاتية. قلنا مسؤولية اجتماعية إنما تجاه مَن؟ تجاه المجتمع السايسي أو الحكومات أم تجاه المجتمع الحزبي أم تجاه المجتمع الطائفي والمذهبي. نبحث دوماً عن تنظيم قانوني إنما التنظيم القانوني موجود، ويتم تجاوزه عند أي إشكال سياسي. المجتمع المدني في لبنان نشط لكنه لم يصل إلى المشاركة في التشريع وتحديداً التشريع الإعلامي".