استدامة منظّمات المجتمع المدني في لبنان تحافظ على مستواها لعام ٢٠٢٠
ظلّت الاستدامة العامّة لقطاع منظّمات المجتمع المدني في لبنان دون تغيير في عام 2020، تاركةً لبنان على النّقطة 3.9 منذ العام 2019، المؤشّر الأعلى مستوى مقارنةً بالدّول السّبع الأخرى مصر والعراق والأردن وليبيا والمغرب وتونس واليمن، على الرّغم من تدهورٍ لوحِظَ في غالبيّة الأبعاد والنّواحي.
فتدهورت البيئة القانونيّة التي تحكم منظمّات المجتمع المدني لهذا العام، حيث أصبحت عمليّة التّسجيل لمنظّمات المجتمع المدني الجديدة أكثر تعقيدًا. فقد واجه النّشطاء السّياسيّين، على وجه الخصوص، التّأخير المطوّل وحتّى الرّفض عند محاولة تسجيل منظّمات جديدة. كما أنّ تراجع حريّة التّعبير والاستخدام المفرط للقوّة ضدّ المتظاهرين ساهم في تقلّص الحيّز المدنيّ في البلاد.
واجهت منظّمات المجتمع المدني أيضًا تحديات جديدة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت. أعطت حالة الطوارئ التي فُرضت في اليوم التّالي للانفجار الجيش اللّبناني سلطة إدارة الاستجابة للانفجار. لذلك، كان على منظّمات المجتمع المدني الحصول على تصريح من الجيش لجميع التّدخلات، واعترفت بعضها بأن تدخل الدولة والجيش يعيق عملها. كما فُرضت قيود إضافيّة على جميع الحسابات المصرفيّة، حتّى بالنسبة لمنظّمات المجتمع المدني المسجلة، نتيجة التّدابير الصّارمة لمراقبة رأس المال خارج نطاق القانون و الاستنسابية التي تحكم إيداع الأموال وسحبها.
من ناحية القدرة التّنظيميّة، فقد انخفضت بشكل طفيف في عام 2020 لتصل إلى 4.1. فإنّ الأزمة الاقتصاديّة، الوباء، وانخفاض قيمة العملة الوطنيّة، وعوامل عدّة أثّرت سلبًا على قدرات منظّمات المجتمع المدني في الالتزام بأهدافها الاستراتيجيّة والتّنظيميّة والحفاظ على موظفيها. وإنّ عدم القدرة على تنفيذ الأنشطة والإجتماعات على أرض الواقع، انعكست أيضًا سلبًا على جهود بعض منظّمات المجتمع المدني للمشاركة بفعاليّة مع مجتمعاتها المحلية. وفي الوقت نفسه، تحسّن التّقدم التّقني للمنظّمات، مع نجاح العديد منها في تحويل عملها إلكترونيًّا.
على مستوى الاستدامة الماليّة ومع مؤشر 5.1، انخفضت صلاحيّة منظّمات المجتمع المدني في عام 2020 بسبب تدهور الظروف الاقتصاديّة وزيادة الطلب على المساعدة بالرّغم من زيادة المساعدات الخارجيّة بشكل ملحوظ. زادت الأزمة المصرفيّة من تفاقم الوضع، كما لم تتمكّن منظّمات المجتمع المدني من فتح حساباتها أو الوصول إليها، بينما كانت تتنافس مع تقلّبات العملة والتّضخم الحاصل. كما اضطرت إلى تغيير إجراءاتها الماليّة بسبب عدم اليقين في القطاع المصرفي والأزمات الاقتصاديّة والماليّة المتتالية التي تواجه البلاد.
في بُعدٍ آخر، ظلّت مناصرة منظّمات المجتمع المدني دون تغيير في عام 2020. وعلى الرّغم من عدم قدرة منظّمات المجتمع المدني على التّعامل مع المشرعين والفجوة المتزايدة بين المجتمع المدني والمسؤولين الحكوميّين، أظهر القطاع تضامنًا متزايدًا قاد بنجاحٍ عدد من جهود الحملات الهامّة. وعلى الرّغم من التّحديات، تمكّنت منظّمات المجتمع المدني من تحقيق بعض النّجاحات الكبيرة، بما في ذلك إصدار مراسيم تطبيقية لقانون الوصول إلى المعلومات والغاء السّريّة المصرفيّة.
ومع مؤشّر 3.3، ارتفع مستوى توفير الخدمات بشكل طفيف، حيث قدّمت منظّمات المجتمع المدني مجموعةً واسعةً من الخدمات استجابةً لمختلف الأزمات الصّحيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة التي يواجهها البلد.
على الرّغم من زيادة التّواصل والتّحالفات بين منظّمات المجتمع المدني، تدهورت البنية التّحتيّة الشّاملة التي تدعم هذا القطاع. في حين يتمّ تقديم عدد من فرص التّدريب حول مواضيع مثل كتابة التّقارير، وجمع التّبرعات، والإجراءات الماليّة، والامتثال والسّياسات، ووسائل التّواصل الاجتماعي، والخدمات الرّقميّة بشكل متزايد، ولكن لا يمكن لجميعها الوصول إلى هذا التّدريب. وحتّى البعض منها لا يعرف كيفيّة تحديد احتياجاته.
وفيما يخصّ الصّورة العامّة لمنظّمات المجتمع المدني، فهي لم تتغيّر لهذا العام. ولكن بالرغم من تحسّن التّصوّرات العامّة، ظلّت منظّمات المجتمع المدني هدفًا لبعض حملات التّشهير وأصبح الوصول إلى وسائط الإعلام أكثر صعوبةً. بالإضافة إلى ذلك، توتّرت علاقات منظّمات المجتمع المدني مع الحكومة نتيجة لزيادة دور المنظمات خلال الأزمات، والتي غالبًا ما طغت على دور الحكومة.
للإطّلاع على التّقرير الكامل باللّغة الإنكليزيّة:
مؤشّر استدامة منظّمات المجتمع المدني لمنطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا 2020