الأمن والسلامة الشاملة للصحافيات - لبنان
يواجه الصحافيون في لبنان مجموعة من التحديات، التي يضاف إليها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها البلاد بأكملها. وفي بلد تكثر به الانقسامات، خلق الخطاب السياسي بيئة معادية للصحافة، وكذلك لممثلي المجتمع المدني الذين يناصرون على التغيير ويطالبون بالإصلاحات.
أما بالنسبة للصحافيات في لبنان، فإن وضعهنّ أكثر تعقيدًا. إذ، إن حملات الكراهية عبر الإنترنت التي تهدف إلى تشويه سمعة المرأة العاملة في الحقل الصحافي، غالباً ما تدفعها إلى الانسحاب من المهنة أو أن تتردد في إبداء رأيها بصراحة وعدم التطرّق للقضايا الحساسة.
إذًا، لتمكين الصحافيات في لبنان من إنتاج محتوى صحافي قائمة على الأدلة ومستقل وموثوق، نحتاج إلى منع إسكات أصوات النساء والرد على استبعادهن من النقاش العام في بيئة تزداد عدوانيتها تجاه المرأة.
لهذا، ركّزت هذه الدراسة على التحديات التي تواجهها الصحافيات فيما يتعلق بالسلامة الشاملة، لأن فقط الصحافيات اللواتي يشعرن بالأمان والحماية لديهنّ الجرأة على الإبلاغ عن قضايا حساسة، والتحقيق في الهياكل الخفية للسلطة، ومساءلة من هم في مراكز القرار.
وتتعمّق الدراسة في السياق الاجتماعي والسياسي والقانوني في لبنان، لتسلط الضوء على وضع وسائل الإعلام في لبنان، التي رغم تعددها، تخضع في هيكليتها لإنتماءات سياسية ودينية مختلفة. وعلاوة على ذلك، على الرغم من أن حرية التعبير هي حق دستوري، إلا أن المراسلات اللبنانيات يتعين عليهنّ التعامل مع عدد كبير من القيود خلال القيام بعملهنّ.
كما أنه يُسَلَطْ الضوء على الوعود التي لم تتحقق فيما يتعلق بتمكين المرأة في الفضاء الرقمي من خلال خلق مساحات آمنة على الإنترنت. وبدلاً من وعد الصحافيات بـ"ملاذ آمن" للتواصل والتعبير عن أنفسهن، أصبح الفضاء الإلكتروني هاوية من التهديدات بالعنف الجنسي والاغتيالات الشخصية.
وتؤكد الدراسة أن الصحافيات تواجهن تهديدات وأشكال عنف محددة لا يواجهها الرجال في معظم الأوقات. كما أن الأعراف والقيم الاجتماعية التي يقوم عليها لبنان والدول العربية الأخرى، المتجذرة بعمق في أنظمة وأسس أبوية، في منطقة تتميز "بمعدلات مشاركة منخفضة للمرأة في الحياة الاقتصادية والسياسية، وانتشار العنف في المجالين الخاص والعام على حد سواء، وضغط مجتمعي هائل على المرأة" تلعب دورًا مهمًا في العنف والاعتداءات المتكررة التي تشهدها الصحافيات.
ومن ضمن القضايا الرئيسية المقلقة التي تناولتها الدراسة هو نقص تمثيل المرأة في المناصب القيادية في المجال الإعلامي، وهو ما يعكس سبب عدم وضع أمن الصحافيات على رأس جدول أعمال معظم وسائل الإعلام. والواقع أن هذا التمثيل الناقص يحد من دورهنّ في تشكيل السياسات التي يمكن أن تعزز المساواة بين الجنسين.
وتطرقت الدراسة إلى ما سببته منصات وسائل التواصل الاجتماعي من انتشار للكراهية عبر الإنترنت ضد الصحافيات بسبب عدم وضع استراتيجيات كافية للحد من الهجمات الجنسانية وخطاب الكراهية، حيث أن المعلومات المضللة المتعلقة بالجندر والإساءة عبر الإنترنت يخلقان بيئة سامة للنساء اللواتي يسعين إلى مشاركة آرائهن وإيصال أصواتهنّ.
وأُرفقت الدراسة باستطلاع أجرته مؤسسة مهارات مع 40 صحافية لتقييم الوعي العام بالمخاطر والاستعداد للتخفيف من المخاطر الرقمية والجسدية والنفسية والاجتماعية المتعلقة بعملهنّ كصاحفيات في لبنان. أظهرت نتائج الاستطلاع أن نسبة صادمة بلغت 70% من المشاركات أكدّن أن هناك مواقف لا يشعرنّ فيها بالأمان كنساء عاملات بالحقل الصحافي. علاوة على ذلك، أوضحت 36 من أصل 40 صحافية أنهن لا يتلقين إحاطات أمنية محددة قبل المهام أو فيما يتعلق بالمخاطر المتعلقة بالعمل بشكل عام. كما أن الغالبية الساحقة من المشاركات (70%) يرغبنّ في اتخاذ المزيد من التدابير لتحسين قدرتهنّ على التخفيف من المخاطر وحماية أنفسهنّ.
ويختتم التقرير بمجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز السلامة الشاملة وخلق بيئة أكثر دعمًا للصحافيات في لبنان.
للاطلاع على التقرير الكامل: