نشرة شهرية للصحافيينات أيار 2024 (2)

مرصد مهارات للشفافية المالية نشرة دورية للصحافيين/ات - حزيران 2024

الشفافية المالية … مواقف عامة من دون حلول عملية

تعطي المقارنة بين فترة الرصد الثانية لتغطية وسائل الإعلام لقضايا الشفافية المالية وفترة الرصد الأولى، صورة واضحة ونموذجا عن غياب الخطوات العملية الاصلاحية لقضايا الشفافية فتبقى العناوين المتناولة من سياسيين في اطار الشعارات والمواقف العامة ولا تعكس تقدما نحو تحقيق حلول للأزمة المالية والاقتصادية اللبنانية.

فتصدر الخطة المالية والاصلاحية مثلا المشهد في التغطية الاعلامية لقضايا الشفافية من دون وجود تقدم نحو حل عملي واقعي يذكر بمسار ربع قرن تقريبا من الفرص الضائعة لاخراج لبنان من أزمته والتي كانت موضوع سلسلة مؤتمرات دولية منذ عام 2001.

 

 

توزيع الخسائر وأموال المودعين وهيكلة القطاع المصرفي الأكثر تداولا…

في فترة الرصد الثانية لقضايا الشفافية المالية العامة الممتدة من 29 أيار إلى 13 حزيران، سجل فريق مهارات تصدّر عنوان الخطة الاصلاحية مرة جديدة سلة المواضيع الأكثر تغطية اعلاميا وذلك بنسبة لامست ال50 في المئة تلتها مواضيع السياسات النقدية للبنك المركزي بنسبة 26.5 في المئة ومن ثم ادارة المالية العامة والميزانية بنسبة 16.3 في المئة. وكلما اقتربنا من قضية الرقابة المالية العامة يتراجع الرسم البياني الى حدود ال4 في المئة ويلامس الصفر عند قضية العقود والمشتريات العامة التي تغيب عن المتابعة والتغطية الاعلامية الى حد كبير على الرغم من أن قانون الشراء العام فتح الباب أمام وسائل الاعلام لتمارس رقابة ومساءلة حول أي صفقة عمومية تجريها الوزارات والادارات والمؤسسات والبلديات وغيرها. فالرصد الذي أجراه فريق مهارات يشير الى أن التغطية الاعلامية لقضايا الشفافية تلتزم أكثر مسار المتابعة والتقارير اليومية ولا تخصص مساحات للتحقيقات المتصلة بهذه القضايا وهو ما يفسر نتيجة الرصد والرسم البياني المرفق.

 

 

وفي اطار هذه التغطية الاخبارية كانت مصطلحات توزيع الخسائر وأموال المودعين والخطة المالية الاصلاحية وخطة اعادة هيكلة القطاع المصرفي والضرائب والرسوم وحسابات مصرف لبنان الأكثر تداولا. فأموال المودعين والتوزيع العادل للخسائر وهيكلة القطاع المصرفي تحظى بالحيز الأكبر من اهتمام السياسيين الذين يطلقون المواقف العامة المكررة في هذا المجال كما حظيت هذه النقاط بمساحة مهمة من قراءات المحللين.

 

 

وزير المال الأكثر تغطية… وابراهيم منيمنة مراقب وحيد للانفاق

على الرغم من عدم تقديم السياسة حلولا عملية تشكل مفاتيح للأزمة المالية والاقتصادية الا أن السياسيين بقوا في فترة الرصد الثانية أيضا الأكثر حديثا وتناولا لقضايا الشفافية يليهم الخبراء والبنك المركزي والمنظمات المحلية وجمعية المصارف أما الهيئات الرقابية فتكاد تغيب عن التغطيات الاعلامية.

 

 

تقدم السياسيين على باقي الفئات في تناول قضايا الشفافية المالية تصدره النواب الحاليون على حساب الوزراء الحاليين علما أن السلطة التنفيذية تتحمل عملية متابعة الخطوات الاجرائية والقرارات والاتصالات المتعلقة بالخطة الاصلاحية المالية والعناوين المتفرعة عنها. وما يلفت أيضا أن ابراهيم منيمنة ومن أصل اثنتي عشرة تغطية لنواب حاليين شكل التغطية الوحيدة المتصلة بأحد أدوار المجلس النيابي وهي مراقبة الانفاق العام.

 

 

أما تكرار اسم وزير المال يوسف خليل بين السياسيين الأكثر تغطية فيعود الى صدور بيانات اجرائية عن وزارة المال وليس لمواقف أو معطيات متصلة بالخطة الاصلاحية المالية والمواضيع الأكثر تداولا كتوزيع الخسائر وأموال المودعين وهيكلة القطاع المصرفي. وما تظهره فترة الرصد الثانية أن غياب الأحداث والزيارات المهمة المرتبطة بقضايا الشفافية المالية تجعل تفاعل واهتمام السياسيين مع هذه القضايا أقل اهتماما في حين أن زيارة لوفد من البنك الدولي الى لبنان أو زيارة لوفد نيابي الى الخزانة الأميركية يجعل الرسم البياني لتفاعل واهتمام ونشاط السياسيين ومواقفهم مرفعا.

 

 

اقتراحات قوانين مقدمة تنتظر مسارها القانوني والتشريعي…

على الرغم من بقاء الكلام الصادر عن السياسيين في اطار المواقف العامة الا أن بعض النواب قدم اقتراحات قوانين لحماية أموال المودعين كما شكلت اقتراحات كيفية ادارة أصول الدولة مادة للجدل في اللجان النيابية المشتركة.

 

1- اقتراحا مسعد - جرادة

النائبان شربل مسعد والياس جرادة قدما اقتراحي قانون الى المجلس النيابي، يرمي الأول الى ايفاء الودائع المصرفية مع تعويض المودعين وخاصة مالكي الحسابات بالليرة اللبنانية. أما الثاني فيقترح تعديلا لفقرة في قانون تبييض الأموال.

 

2- اقتراح كتلة النواب الأرمن

النائب هاكوب ترزيان، أعلن في بيان، تقدمه "بإسم كتلة نواب الأرمن، الى أمانة سر المجلس النيابي باقتراح قانون يرمي الى منع شطب أو حسم أو تصفير حقوق المودعين في المصارف اللبنانية، وهذا الاقتراح يرمي إلى إلغاء كل الجدل حول حماية أموال المودعين".

 

3- مشاريع قوانين أصول الدولة

اللجان المشتركة شهدت على جدل حول ثلاثة قوانين تتعلق بضمان الودائع من خلال الاستثمار بأًصول الدولة والمقصود هنا :

- اقتراح القانون الرامي الى إنشاء مؤسسة مستقلة لإدارة أصول الدولة.

- اقتراح القانون الرامي إلى حماية الودائع المصرفية والمشروعة وإعادتها إلى أصحابها.

- اقتراح القانون الرامي إنشاء الصندوق الائتماني لحفظ أصول الدولة وإدارتها.

 

وفي تعليق على هذه الاقتراحات اعتبر بعض السياسين والخبراء أن لا ثقة بادارة أصول الدولة من قبل طبقة حاكمة "غير أمينة" على المال العام. وفي ما يلي بعض الاراء حول مشاريع القوانين المذكورة.

 

يشير الدكتور خليل جبارة، أستاذ مادة الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأميركية، إلى أن هذه الرزمة من اقتراحات القوانين تعكس انكفاء السلطة التنفيذية، منذ بداية الأزمة الاقتصادية، عن وضع أطر لمعالجتها تبدأ بخطة واضحة لإعادة هيكلة المصارف وتوزيع الخسائر. وقد أدى هذا الانكفاء إلى قيام بعض النواب، إما لأهداف شعبوية أو بدافع مصالح خاصة، بتقديم اقتراحات قوانين لا يعكس معظمها الواقع. ويؤكد الدكتور جبارة أنه لا يمكن معالجة الأزمة المالية والاقتصادية بشكل جزئي، بل يجب العمل عليها ككل من خلال استراتيجية واضحة للتعافي تتناسق مع بنود الاتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي.

 

زوايا إضافية للتدقيق والتغطية

مع تقدم السياسيين على غيرهم في خانات الأكثر تحدثا في قضايا الشفافية المالية وفي ظل انتشار معلومات كثيرة مرتبطة بقضايا الشفافية قام فريق مهارات بالتحقق من اشكاليتين تتعلقان بالأمور المالية.

 

Fact-o-meter تحقق:

 

هل يحق قانونًا فرض ضريبة بأثر رجعي على من استفادوا من منصة صيرفة بأكثر من 15 ألف دولار؟

خلص فريق التحقق من المعلومات في مؤسسة مهارات الى أن ما يتم تداوله في هذا المجال غير صحيح اذ لا يمكن فرض ضريبة بأثر رجعي قانونا لأنها تخالف ثلاثة مبادىء ضريبية تتجلى أولا بأن الضريبة على ربح محق سابقا تخالف مبدأ الانتظام العام كما أن المفعول الرجعي يخل بمبدأ سنوية الضريبة ولا يجوز ازدواجية الضريبة قانونا. (يمكن متابعة كامل بحث التحقق على هذا الرابط…)

 

هل سيتمكن حاملو سندات اليورو بوند من رفع دعاوى لإسترداد أموالهم من الدولة اللبنانية في شباط 2025؟

في خلاصة التحقق من هذه المعلومة تبين لفريق الرصد أن ما تم تداوله صحيح جزئيا لأن مهلة الخمس سنوات ليست مهلة رفع دعاوى لكن بعد هذا التاريخ سيبدأ حاملو السندات بفقدان حقهم بالفائدة لذلك يحاول الدائنون رفع دعاوى للحفاظ على حقهم في الفوائد وليس للحفاظ على حقهم في رفع الدعاوى اذ أن رفع الدعاوى ممكن في أي وقت وليس محصورا فقط في الخمس سنوات. ( يمكن الاطلاع على كامل بحث التحقق من المعلومة على هذا الرابط.

 

 

اقفال 363 فرعا مصرفيا منذ بداية الانهيار… معاناة جديدة للمواطنين

منذ بداية الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان أقفلت الكثير من الفروع المصرفية تباعا ووصل عدد هذه الفروع المقفلة الى 363 فرعا وانخفض عدد موظفي المصارف الى 14693 موظفا بحسب جمعية المصارف. هذا التقلص الكبير في حجم المصارف المقفلة سبب معاناة اضافية للمواطنين والموظفين والمودعين الذين بات لزاما عليهم أن يقطعوا مسفة كبيرة للوصول الى فرعهم المصرفي. ومن يراقب الحركة على الصراف الآلي للفروع خصوصا في بداية كل شهر لسحب الرواتب يلاحظ النقمة والصرخة من قبل الكثير من المواطنين الذين وبعد قطع مسافة كلفة النقل والبنزين للوصول الى أول صراف آلي لفرعهم قد لا يجدون أموالا في الصراف وهو ما يرتب عليهم كلفا اضافية

 

 

الكلف التشغيلية وانحسار مصادر التمويل وراء اقفال الفروع المصرفية

في دراسة أسباب اقفال الفروع المتزايد يقول المحامي كريم ضاهر انها تتصل بالسبب المادي في شكل رئيس اذ أن المصارف لم تعد تمول الا من خلال العمولات التي تأخذها من عملائها . فالمصارف تحصل الأموال والعمولات من الضريبة على رؤوس الأموال المنقولة وتحويل الأموال الى الخارج. ويلفت ضاهر الى أن المصارف كانت تغطي قسما كبيرا من نفقاتها التشغيلية من خلال عمليات صيرفة أو من خلال الشيكات المصرفية. كما أن المصارف لم تعد تلعب دورها التسليفي والتطويري للاقتصاد.

ومن الأسباب التي يعددها الضاهر ازدياد الضرائب على الرواتب والأجور وما يترتب عليها من اشتراكات للضمان ونهاية الخدمة بالاضافة الى ارتفاع ايجارات العقارات المستأجرة.

اقفال الفروع المصرفية التي وبحسب الخبير في الشؤون المصرفية نسيب غبريل تبقى منها 695 فرعا فقط أدى الى صرف عدد كبير من الموظفين في المصارف. وبحسب غبريل فان عدد الموظفين الذين صرفوا وتركوا المصارف يصل منذ نهاية 2018 الى 11700 موظفا. هؤلاء وجدوا وظائف في لبنان أو في الخارج كاوروبا واميركا الشمالية وفي الخليج العربي لصالح مصارف أخرى أو مؤسسات مالية وشركات استثمار وشركات تحويل الأموال ووكالات التصنيف المالية.

في بيان صادر مؤخراً عن بنك عودة، أشار من خلاله إلى انخفاض عدد موظفيه من 6288 في عام 2019 إلى 3136 مع نهاية عام 2023. كما تقلص عدد فروعه من 213 فرعًا في عام 2019 إلى 91 مع نهاية عام 2023.

 

وفي هذا السياق، يوضح الدكتور خليل جبارة أن المصارف الخاصة تتبنى استراتيجية تقوم على الفصل التام بين هوية ونوعية زبائنها، حيث يتم التمييز بين المودعين ما قبل عام 2019 الذين لديهم ودائع عالقة في المصارف، وبين الزبائن الجدد. وتسعى المصارف إلى جذب الزبائن الجدد من خلال تقديم خدمات مصرفية متنوعة مثل البطاقات الائتمانية والقروض التجارية. وتتناسب هذه الاستراتيجية مع كان قد أشار له حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في مداخلته بالمنتدى العقاري اللبناني الثاني الشهر الماضي إلى أن الوقت قد حان ليعيد القطاع المصرفي عملية التسليف.

 

يرى الدكتور جبارة أن تقليص عدد الموظفين والفروع يندرج ضمن هذه الاستراتيجية، حيث يتركز معظم الزبائن الجدد في المدن الرئيسية. وكانت استراتيجية المصارف في السابق تقوم على توسيع قاعدة زبائنها وزيادة عددهم من خلال جذب موظفي القطاع العام والعناصر في الأجهزة الأمنية وتقديم خدمات مصرفية لهم مثل القروض الشخصية، ولذلك قامت على مدار السنوات الماضية بزيادة عدد فروعها بشكل مفرط للوصول إلى أكبر عدد ممكن من هذه الفئة من الزبائن.

 

أما اليوم، فقد تم عكس هذه الاستراتيجية، حيث تحاول المصارف الخاصة إعادة إطلاق خدماتها بالتركيز على النوعية وليس الكمية، ولذلك تسعى إلى حصر زبائنها من القطاع الخاص أو أصحاب الودائع العالقة بخدمات إلكترونية بسيطة لتخفيف الأعباء المتوجبة عن خدمة تلك الفئة من الزبائن.

 

يمكنكم/ن تحميل النشرة بنسخة PDF، بالضغط هنا