
مرصد مهارات للشفافية المالية نشرة دورية للصحافيين/ات - كانون الثاني 2025
في فترة الرصد من 24 تشرين الثاني وحتى التاسع من كانون الثاني، اي الفترة التي سبقت انتخاب رئيس الجمهورية، بقيت العناوين المتصلة بالمالية العامة للدولة ومصرف لبنان والخطط المالية الاصلاحية كما ادارة عمليات الكوارث والأزمات متصدرة جدول محاور الشفافية الأكثر تداولا التي وثقها مرصد الشفافية المالية لمهارات.
فالنقاش حول استرداد مشروع الموازنة العامة المرسل منذ أيلول من الحكومة الى مجلس النواب وضرورة اعادة النظر بالمشروع على ضوء الحرب وتبعاتها المالية والاقتصادية والارتباط بالخطة المالية والاصلاحية كما أن الحديث عن امكان انخفاض الدولار بسبب التطورات الرئاسية والسياسية ورفع مصرف لبنان لاحتياطه من العملات الصعبة يفسر تصدر هذه العناوين للجدول. أما عنوان ادارة عمليات الكوارث فهو نتيجة طبيعية للحرب التي استمرت حتى 27 تشرين الثاني وما تلاها من عودة غير مكتملة للنازحين حتى الآن.
بروز الصفقات العامة والرقابة على الانفاق في المحاور الأكثر تداولا يفسر في شكل اوضح في جدول القضايا المرتبطة بالشفافية. فعمل الأجهزة الرقابية تصدر هذا الجدول انطلاقا من النقاش الذي دار حول الاتفاقات الرضائية لازالة الردم الناجم عن الحرب وما رافقه من نقاش حول الاسعار المعتمدة والاسثتناءات انطلاقا من قانون الشراء العام ودور الهيئات الرقابية في هذا المجال.
يصدر هذا العدد من نشرة الشفافية المالية الذي يعده فريق مرصد مهارات للشفافية المالية في ظل ظروف سياسية ومتغيرات وأجواء تختلف عن كل ما سبقها . فهذا العدد يأتي بعد أقل من أسبوعين على انتخاب جوزف عون رئيسا جديدا للجمهورية بعد فترة فراغ قاربت العامين والشهرين وتكليف نواف سلام لتشكيل حكومة العهد الأولى. ولأن العلاقة بين السياسة والاقتصاد والمال حقيقة، بتأثيرات متبادلة، فان انتخاب رئيس جديد بعد فترة طويلة من الفراغ ترك ارتياحا وشكل نافذة أمل لاستعادة ثقة كانت مفقودة على مستويات مختلفة. الثقة الدولية والعربية بالعهد الجديد بدأت تفتح بدورها آفاقا نحو حلول اقتصادية ومالية وعودة استثمارات وخلق فرص عمل واحداث بداية ترميم على الأقل في الكثير من القطاعات الأساسية الحياتية للمواطن اللبناني وامكان اعادة عمار ما هدمته الحرب الاسرائيلية. وكما مع بداية كل عهد ثمة تعويل على عمل وآداء مختلف يكون فيه المواطن ومصلحته الهدف، بعيدا عن المحسوبيات والهدر والقفز فوق القوانين.
فخطاب القسم رسم بعناوين عدة سلسلة آمال وآفاق تنتظر الترجمة والتنفيذ. فاضافة لعناوين استقلالية القضاء وقدسية الحريات ورفض البؤر الأمنية والتهريب وتبييض الأموال ثمة عناوين تتصل بالاصلاحات والمحاسبة والشفافية والرقابة وأجهزتها ومحاربة الفساد والوصول الى المعلومات عندما قال رئيس الجمهورية في خطاب القسم :
..."عهدي مع المجلس النيابي ومجلس الوزراء أن نعيد هيكلة الادارة العامة وأن نقوم بالمداورة في وظائف الفئة الأولى في الادارات والمؤسسات العامة، وان يتم تعيين الهيئات الناظمة، بما يعيد للدولة وللموظفين هيبتهم ويحفظ كرامتهم ويستقطب النخب لتأسيس ادارة حديثة الكترونية رشيقة فعّالة حيادية لاحصرية ولامركزية، تحسن إدارة أصولها، لا عقدة لديها من القطاع الخاص، تمنع الاحتكار ولا خوف لديها من فتح دفاترها لصاحب حق أو رقيب، وتعزز المنافسة وتحمي المستهلك وتمنع الهدر وتفعّل أجهزة الرقابة وتحسن التخطيط وإعداد الموازنة وإدارة الدين العام، لأن لا قيمة لإدارة عامة لا تقدّم خدمات نوعية للمواطنين بأفضل الأسعار كشرط أساسي للحفاظ على كرامة اللبناني وإنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل..."
هذه العناوين هي مفتاح رئيس للمطالبة برفع مستوى الشفافية واحترام الحق بالوصول الى المعلومات واستكمال اقرار وتنفيذ وتطبيق مضامين القوانين الاصلاحية وموادها واصلاحاتها على مستوى الشراء العام ومكافحة الفساد ورفع مرتبة لبنان على سلم الشفافية المالية ودعم وحماية وتعزيز عمل الهيئات الرقابية. هذه التحديات تضاف الى سلسلة من المعالجات المطلوبة للمشاكل الموروثة عن الحقبات السابقة وحقبة الفراغ والحرب والدمار واعادة الاعمار والتي من المفترض أن تشكل عناوين رئيسة في البيان الوزاري لحكومة العهد الأولى من دون اغفال ضرورة اعادة النظر في مشروع الموازنة الذي أرسلته حكومة تصريف الأعمال الى مجلس النواب خلال الحرب.
تواجه الحكومة اللبنانية المزمع تشكيلها مجموعة من التحديات الكبيرة والمعقدة التي تتطلب رؤية واضحة وإرادة سياسية قوية لتنفيذ إصلاحات جذرية وشاملة. تأتي هذه التحديات في سياق أزمات متداخلة تشمل الانهيار الاقتصادي المستمر، الذي أدى إلى تدهور الليرة اللبنانية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات قياسية، بالإضافة إلى تدهور الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والرعاية الصحية ،والتعليم. يُضاف إلى ذلك الأزمة المصرفية التي أدت إلى تجميد أموال المودعين وفقدان الثقة بالنظام المالي، مما يتطلب إعادة هيكلة جذرية للقطاع المصرفي وإصلاحات مالية تضمن استدامة الدين العام وتحقيق العدالة الاجتماعية.
الحكومة تواجه أيضًا تحديات إعادة إعمار ما تهدم نتيجة الحرب الإسرائيلية على لبنان، حيث قدّر البنك الدولي كلفة الأضرار والخسائر الاقتصادية الناتجة عن الحرب بـ8.5 مليار دولار.
وفي هذا الاطار يشير أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأميركية، الدكتور خليل جبارة، إلى ضرورة
أما الأمر الأهم فهو البدء بتطبيق برنامج متكامل للإصلاح الاقتصادي يعتمد على الركائز التالية: