Whatsapp Image 2024 06 13 At 17.59.05 2Bfc5b12

الوزير ياسين: لزيادة التغطيات الإعلامية المعمّقة في قضايا البيئة

استضافت مؤسسة مهارات اليوم وزير البيئة ناصر ياسين في ورشة تدريبية تنظّمها حول التغيّر المناخي وقضايا البيئة، للحديث عن قانون حماية البيئة وإلتزامات لبنان الدولية في هذا المجال. وأعرب الوزير عن أهميّة تسليط الإعلام الضوء على القضايا البيئية بطريقة معمقة وعلمية، وأن لا تقتصر التغطيات فقط على ظواهر الأمور أو فقط على سطحيتها. وأهمية ان يضيء الاعلام على علاقة قضايا البيئة مع قضايا أخرى في العالم وعلى مسبباتها وتأثيراتها، خاصةً أن القضايا البيئية والقضايا المناخية هي قضايا متجذّرة ومتقاطعة مع معظم القطاعات الأخرى، إن كان في المياه أو في تلوث الهواء أو في تدهور التربة والغابات.

 

واستعرض الوزير ما تقوم به وزارة البيئة على الرغم من الصعوبات المالية، وأكّد على أهمية إنشاء المزيد من المؤسسات البيئية ودراسات الأثر البيئي والاستراتيجية البيئية لوقف المشاريع وتغريمها في حال حدوث مخالفات أو تلوث. وإنّ التغيّر المناخي هو وضع سنعيشه على المدى الطويل. وأعلن أنّ في عام 2030 ستقوم الوزارة بإنشاء هيئة مستقلة لإدارة النفايات الصلبة، وهيئة الالتزام البيئي، وهي هيئات مستقلة لها المرونة والقدرة لجذب خبرات من الخارج، ومتابعة الدراسات وقضايا البيئة.

 

ناقش الوزير مع الصحافيين/ات المشاركين/ات أثناء التدريب موضوع أزمة الوقود والتدفئة الأخيرة التي واجهها لبنان، وقال إنّ لبنان كان يمتلك أكبر مساحة من الغابات، حيث كانت تبلغ 23% إلى 24%، بسبب الدعم على الفيول وعدم اللجوء إلى قطع الأشجار. ولكن بسبب ارتفاع أسعار الوقود بعد الأزمة، لجأ الناس والمافيات إلى قطع الأشجار بشكل غير قانوني. يعود الفشل في محاسبة المعتدين إلى عدم وجود حراس للغابات، حيث لدى وزارة الزراعة 25 حارسًا في كافة الغابات، وهو عدد غير كافٍ، وغابات لبنان بحاجة إلى مئات الحراس. وهنا يجب تطبيق قانون العقوبات لمحاسبتهم، وليس قانون الغابات. 


 

ولمتابعة حرائق الغابات، أنشأت الوزارة في 7 مناطق في لبنان وهي عكار، الضنية، الشوف، جبيل، المتن، صور، وعاليه غرف ووحدات مخصصة لرصد الحرائق في هذه المناطق التي تواجه الحرائق بانتظام، وبالتالي تمكّنت الوزارة من خفض الحوادث في 2022 بنسبة 90%، في 2023 بنسبة 83%، أمّا في 2024 وبصرف النظر عن الجرائم المرتكبة في الجنوب، فيقول الوزير ياسين: "نحن نديرها حتى الآن بشكل جيد".

 

وتابع ياسين أن "ليس لدينا قانون في لبنان له علاقة بالتغير المناخي وهذا مهم العمل عليه، وكوزارة لنا دور بمنع مصادر التلوث، ولكن قانون المياه يقول أن نفايات الصرف الصحي هي من مسؤولية وزارة الطاقة ووزارة الأشغال".

 

والتحدي الأساسي بحسب ياسين يكمن في كيفية قيام الوزارة بواجباتها من ناحية تأمين الحماية البيئية أو دراسات الأثر البيئي أو متابعة قضايا معينة. لهذا إذا أرادت القيام بتغيير إيجابي لحماية البيئة والانتقال لعمل مناخي منظم يجب أن يكون لديها موارد أكثر من ناحية مواردها البشرية أولًا، مواردها الفنية ثانيًا، وأن تتعاطى مع الإدارات الأخرى وخاصة يجب أن تتواجد نيابات عامة بيئية مستقلة لتتمكن من أن تعنى بشؤون البيئة بشكل دائم وأن يكون لديها رافد علمي يؤمّن لها بالتعاون مع وزارة البيئة الأمور العلمية ورافد آخر على الأرض من ناحية الضابطة البيئية المستقلة تحت إدارة أو إشراف هذه النيابات العامة.

 

هناك قضية أساسية أشار إليها وزير وهي إدارة النفايات الصلبة التي يضع عليها جهد كبير مع البلديات ومع إدارات أخرى للوصول لحوكمة سليمة ورشيدة لهذا القطاع. ويتمّ العمل على موضوع تلوّث المياه مع مؤسسات المياه والمؤسسات الدولية وعلى رأسها اليونيسف، لوقف تلوّث المياه خصوصًا في الأنهر والمسطحات المائية التي يجب أن تحظى بادارة دائمة وخاصة. اضافة الى موضوع خطير وقاتل هو تفاقم مع المولدات الكهربائية، وواحد من القرارات الذي صدر رقم 16-1 يضع قيم جدية جديدة لانبعاثات المصانع ومعامل إنتاج الطاقة، تلزمها بوضع فلاتر. ومؤخرًا تعمل الوزارة على وضع تعاميم ومعايير جديدة لموضوع الفلاتر التي يجب أن تكون موجودة على المولدات الكهربائية المنتشرة بين البيوت والفنادق والمؤسسات التجارية لحماية صحة المواطنين والمواطنات في لبنان. أيضًا هذا يساهم بالتنمية الاقتصادية المستدامة إذا كانت المياه نظيفة والهواء نظيف وإن كان هناك إدارة متكامل للنفايات بالإضافة لقضايا أخرى لها علاقة بتدهور الأراضي  وأمور الحماية وتنوع البيولوجيا. ولكن هناك موضوع آني حاليًا وهو موضوع الاعتداءات الإسرائيلية واستخدام الفسفور الأبيض. وقال ياسين في هذا الخصوص "نتعاون في هذا الملف مع وزارة الزراعة ومجلس البحوث العلمية لتوثيق كل هذه الاعتداءات التي تحصل من ناحية الأرقام، المساحات، أنواع القذائف التي تستخدم واستطعنا أخذ عينة من التراب الذي ضرب من الجيش الإسرائيلي وفحصناها بمختبرات جامعية ووجدنا استخدام الفسفور الأبيض وهذا كان جزء مهم بالإضافة لتقارير مجلس البحوث العلمية، ومجلس الزراعة وجمعيات حقوقية دولية وتقدمنا بهذا الملف عبر وزارة الخارجية بشكوى موثقة لمجلس الأمن ضد الاعتداءات التي تحصل على الأراضي الجنوبية".

 

تنمية قدرات الصحافيين/ات لتغطية قضايا البيئة حاجة ماسّة

اتت مداخلة الوزير في اطار برنامج تدريبي للصحافيين اطلقته مهارات وامتدّ على مدى خمسة أيّام، بهدف التخصص في التغطيات البيئية وقضايا التغيّر المناخي، تنمية الخبرات في التعامل مع المعلومات المناخية والبيئية بطريقة علمية، التعرف على المصادر الصحافية المرتبطة بقضايا التغيّر المناخي والبيئة. ومن جهته، اكد المدرّب الصحافي الاستقصائي إدمون ساسين أنّ هذا التدريب سيمكّن الصّحافيين/ات من العمل على تحقيق استقصائي ولعب دور الرقابة لمكافحة الجرائم البيئية التي تُعتبَر من أخطر الجرائم على المستوى العالمي والمنتشرة أيضًا على المستوى المحلي، وهي واحدة من أسباب التلوّث وظاهرة التغيّر المناخي، والتّرويج للحلول والطاقات البديلة ونقل الخبرات الدولية إلى المجتمع المحلّي للاستفادة منها.

 

وأضافت المدرّبة الصحافية لارا الهاشم، أنّ "مشاركة الصحافيين/ات في هذا التدريب يوكّد اهتمامهم/ن بقضايا البيئة، ولكن طبعًا هناك نواقص في المعرفة لأنّ المجتمع اللبناني لا يملك الوعي الكافي حول تأثير التغيّر المناخي والمشاكل البيئية عليه".

 

عبّر المشاركون/ات عن استفادتهم/ن من المعلومات المكتسبة، حول أحدث الدراسات العالمية والمحليّة، أسباب التغيّر المناخي في العالم وفي لبنان وتداعياته، تأثيره على النوع الاجتماعي، كيفية بناء قصة بيئية جذابة، تحديات الصحافيين أثناء تغطية القضايا البيئية، قانون حقّ الوصول إلى المعلومات في الإطار البيئي، والمزيد من المواضيع والتطبيقات العملية. تقول الصحافية المشاركة كارلا سماحة إنّ "هذه الدورة تدفعنا أن نتناول الآن القضايا البيئية، لأنّه في حال تأخرنا أكثر، سنكون فعلًا أمام كوارث خطيرة تنعكس سلبًا على كافة القطاعات في لبنان". أمّا المشارك الصحافي محمد الخبّاز فقال إنّ من خلال مشاركته في هذا البرنامج التدريبي، تعرّف على خطورة تأثير التغيّر المناخي على كافة جوانب الحياة من يومنا هذا حتّى عام 2060.

 

خبراء وخبيرات بيئيون: دور الصحافة الرقابيّ مطلوب

تخلل التدريب في كلّ أيّامه استضافة خبراء وخبيرات في قضايا البيئة، لمشاركة التحديات البيئية في لبنان والحلول المعتمدة عالميًّا لمواجهة التغيّر المناخي، ودور الإعلام في المناصرة والحوكمة البيئية. ومنهم/ن منسقة برامج التغيّر المناخي في UNDP (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي) ليا زغيب التي تطرّقت إلى أهمّ التحديات البيئية التي يواجهها لبنان وهي الارتفاع بدرجات الحرارة، اذ سترتفع نسبة المتساقطات في فترة زمنية قصيرة. وذلك سيؤثر على قطاعات عدّة منها الزراعة، السياحة، فبدل أن يكون فعّالًا لأربعة إلى خمسة أشهر في الصّيف، فيصبح ناشطًا لشهرٍ واحدٍ فقط، ما سينعكس على مدخول العاملين/ات في هذه القطاعات. وشدّدت على ضرورة إضاءة الإعلام بشكل معمّق على كل هذه التأثيرات والتحديات التي تمسّ بجميع النّاس.

 

أمّا الخبير البيئي حبيب معلوف فأشار إلى التحديات التي يواجهها الإعلام البيئي، ومنها ملكية وسائل الإعلام في لبنان وإيجاد منصة إعلامية حاضنة لقضايا البيئة ولا تتلقى تمويلا معيّنا أو لها قضايا معيّنة تروّج لها أو لها مصالح اقتصادية كبرى أو تابعة لأنظمة وأحزاب سياسية مضادة لموضوع البيئة. تحدٍّ آخر هو المراجع العلمية الموثوقة التي يجب على الصحافيين/ات الاستناد عليها، وأيضًا التخصّص البيئي هو تحدٍّ على المستوى الأكاديمي ليكون للصحافي/ة بنية علمية وتحريرية قوية. وأضاف أنّ مهمّة الصحافة المتخصصة في البيئة هي مهمّة الدفاع عن الحياة ومقوّماتها وعن الأنظمة الأيكولوجية التي تنتج ديمومة الحياة ونظام صحّي واقتصادي. 

 

مهارات تشجّع وسائل الإعلام لتخصيص مساحة أكبر لقضايا البيئة

سيقدّم فريق مهارات مساعدة تقنية ومتابعة لكل مشارك/ة في هذا البرنامج التدريبي، بما يتناسب مع احتياجاتهم/ن، لتعزيز مهاراتهم/ن بشكل أكبر، ولإنتاج تقارير صحافية معمّقة، بهدف زيادة الوعي العام حول تحديات لبنان البيئية. وكانت مهارات قد أطلقت في اليوم العالمي للبيئة، 5 حزيران، دراسة "رصد التغطية الإعلامية للقضايا المتعلقة بتغيّر المناخ والقضايا البيئية"، شملت رصد نشرات الأخبار المسائية لستّ قنوات تلفزيونية محليّة ومجموع التغطيات الصحافية لأربع صحف يومية وثلاثة مواقع إلكترونية، لمعرفة مساحة التغطية والأهمية التي توليها وسائل الإعلام لهذه القضايا، مدى قيامها بدورها الأساسي في إعلام الجمهور حول مسائل تغيّر المناخ والقضايا البيئية وكيف تغطّي هذه القضايا لناحية المهنيّة الإعلامية. وامتدّت الدراسة على فترة شهري كانون الثاني وشباط 2024.

 

بيّن الرصد أنّ مواضيع التغيّر المناخي وقضايا البيئة لا تشكّل أولوية في التغطيات الإخبارية لهذه المؤسسات، مع اختلاف في النسب تبعًا لكل مؤسسة، حيث بلغ مجموع التغطيات الإعلامية المرصودة 85 تغطية. وقد سجّلت التغطيات التلفزيونية النسبة الأكبر منها وبلغت 45 تغطية (53%)، يليها الصحف التي أوردت 32 تغطية (38%)، ثم الإعلام الإلكتروني البديل الذي أورد 8 تغطيات (9%). وبالنظر إلى أهمية مواضيع البيئة والتغيّر المناخي وإلى المشاكل البيئية الكثيرة والخطيرة التي يعاني منها لبنان، تبدو نسب التغطيات قليلة جدًا. كما هناك مشاكل خطيرة تهدد المواطن في حياته اليومية وتستحق مواكبة دائمة وأن يقوم الإعلام بأدواره التثقيفية والتوعوية.


ومن هُنا، تشجّع مهارات وسائل الإعلام المحلية على رفع الوعي البيئي وتشكيل رأي عام حول هذه القضية الأساسية، من خلال تخصيص المزيد من التغطيات، توفير المعلومات وتشجيع الحوار والنقاش والضغط على القرارات السياسية، لما للإعلام من دور فعّال بتشكيل قوة ضغط على السلطات المسؤولة لانفاذ القانون، قمع المخالفات، حماية البيئة، إيجاد حلول للمواضيع المطروحة، تشجيع التحرّكات الإيجابية ودعم سياسات التصدّي لتغيّر المناخ، لتحقيق التغيير المستدام.