
قانون حق الوصول إلى المعلومات: صحافيون يروون واقع الحال
يستعرض تقرير "قانون حق الوصول الى المعلومات: صحافيون يروون واقع الحال" واقع تطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات في لبنان من خلال تجارب صحافيين شاركوا في زمالات نظمتها مؤسسة "مهارات"، حيث حاولوا الحصول على معلومات تتعلّق بالشفافية المالية، الإصلاحات، الحوكمة، والمساعدات خلال الحرب، إلا أنهم واجهوا عراقيل كبيرة على مستوى الإدارات العامة، إذ ورغم مرور سنوات على إقرار القانون، لا يزال تطبيقه ضعيفًا ويشوبه الكثير من التعثّر، ما يحدّ من قدرة الصحافيين وسائر المواطنين على ممارسة الرقابة والمساءلة ومتابعة الأداء العام.
من أبرز التحديات التي رصدت في التقرير، عدم التزام الإدارات بمبدأ النشر الحكمي الذي يُفترض أن يتيح بشكل استباقي الوثائق والمستندات والقرارات الرسمية، بالإضافة إلى غياب مواقع إلكترونية محدثة وقابلة للبحث، أو اقتصار النشر على صيغ غير قابلة للنسخ أو البحث ما يصعّب عملية تحليل المعلومات. كما يسلّط التقرير الضوء على ضعف تجاوب الإدارات مع طلبات المعلومات، حيث ترفض الطلبات أحيانًا من دون تبرير، أو تنسى في الأدراج، أو يماطل في الردّ عليها، رغم أن القانون يحدّد مهلًا واضحة للرد وهي 15 يومًا، ويمكن تمديدها مرة واحدة فقط.
وتشير تجارب الصحافيين إلى غياب آلية موحدة للتعامل مع الطلبات، وتباين سلوك الإدارات بحسب الجهة المتقدمة بالطلب أو نوع المعلومات المطلوبة، ما يظهر انتقائية واستنسابية واضحة. تُظهر بيانات التقرير أن 70% من طلبات المعلومات لم تلقَ أي رد، بينما تمّت الإجابة على 11% فقط ضمن المهلة القانونية. كما تسجّل الجريدة الرسمية خروقات للقانون بعدم توفير محتواها بشكل إلكتروني مجاني وقابل للبحث، ما يشكّل تحديًا إضافيًا.
كما برزت تحديات بنيوية تتعلق بغياب الكادر البشري المدرّب داخل الإدارات لاستقبال طلبات المعلومات، وافتقار بعض البلديات والمؤسسات لبنية تحتية رقمية تمكّنها من حفظ المعلومات أو نشرها.
من جهة أخرى، يظهر التقرير ضعفًا في معرفة الصحافيين أنفسهم بالقانون، وعدم اعتمادهم عليه بشكل كافٍ في عملهم، نتيجة لغياب الدعم من مؤسساتهم أو نقص في التدريب.
إذ ورغم وجود تجارب إيجابية كهيئة الشراء العام أو بعض منصات المساعدات، إلا أن معظم الصحافيين لا يستخدمون هذه الأدوات إما بسبب ضعف التوعية أو لانعدام الثقة بمردودها الفعلي.
وفي ظل هذا الواقع، يوصي التقرير بجملة من الإجراءات لضمان تفعيل القانون، أبرزها تطوير منصات إلكترونية محدثة للإدارات العامة، وتعيين موظفين مختصين باستلام الطلبات والرد عليها، وإنشاء سجل إلكتروني موحد لتوثيق الطلبات وتحليلها، إلى جانب ضرورة تحديث الإطار التشريعي بما يواكب التحول الرقمي، وتعزيز أدوات الرقابة المجتمعية، وتفعيل دور هيئة مكافحة الفساد، فضلًا عن تدريب الصحافيين على كيفية الاستفادة من القانون، وتفعيل آليات التواصل العام داخل الإدارات.
ويخلص التقرير إلى أن الحق في الوصول إلى المعلومات لا يزال معطلًا في لبنان بسبب تضافر جملة من العراقيل القانونية والتقنية والبنيوية والثقافية، ما يفرض الحاجة إلى إرادة سياسية ومؤسساتية جادة لضمان الشفافية وتمكين المواطنين من مساءلة السلطة.
للإطلاع على التقرير: