
العنف ضد النساء في السياسة: عودة مقلقة لأنماط العنف في لبنان
🧠 لماذا نهتم:
رغم تزايد مشاركة النساء في الحياة السياسية اللبنانية، لا يزال العنف ضد النساء في السياسة (VAWP) يتجلى من خلال حملات التشهير، والهجمات الجنسية، والرفض المؤسسي. الحالتان الأخيرتان اللتان استهدفتا النائبة نجاة عون ووزيرة التربية ريما كرامي تكشفان مدى ترسخ الخطاب الذكوري والتمييز الجندري في الفضاء العام والسياسي.
📍 آخر المستجدات:
1- 🔎 حالة تحت المجهر: استهداف النائبة نجاة عون بعد تحذير بيئي
بعد لقائها رئيس الجمهورية جوزيف عون في 10 نيسان، أطلقت النائبة نجاة عون تصريحًا عامًا – نُشر على حساباتها الرسمية وكذلك عبر حساب رئاسة الجمهورية على منصة X – دعت فيه إلى إعلان حالة طوارئ مائية بسبب انخفاض كمية المتساقطات هذا العام. وقالت: "لضرورة إعلان حالة طوارئ مائية، نظراً لقلّة كميات المتساقطات هذا العام."
بدلاً من فتح نقاش سياسي حول أزمة المناخ والمياه، تحوّل تصريحها إلى هدف لحملة تنمر إلكتروني وهجمات جنسية. فقد تم تحريف كلمة "متساقطات" إلى "ساقطات"، في محاولة مهينة وواضحة للنيل من شخصها عبر خطاب جندري مهين.
وسرعان ما تصاعدت الحملة عندما قام النائب جورج عطالله، من التيار الوطني الحر، بالسخرية من تصريحها، قائلاً إن المشكلة ليست في "كمية المتساقطات"، بل في "عدد الساقطات" – في إشارة مباشرة إلى النائبات اللواتي، برأيه، عرقلن مشاريع السدود السابقة. هذا التصريح أشعل حملة تشهير سياسية موسعة، قادها أنصار التيار الوطني الحر على الإنترنت.
وقد أُعيد إحياء سرديات حزبية تتهم النائبة عون ونوابًا مستقلين آخرين بعرقلة مشاريع البنى التحتية، أبرزها سد بسري المثير للجدل. لكن اللافت أن الانتقاد لم يكن في إطار نقاش سياسات، بل جاء على شكل هجوم جندري ممنهج لتقويض شرعيتها السياسية.
يجدر الإشارة إلى أن المنشور الذي نشره عطالله لاحقًا تم حذفه من حسابه على X.
2- 🧯 حالة تحت المجهر: وزيرة التربية ريما كرامي تتعرض لهجوم بسبب استبيان شامل
في خطوة لإدراج خانة بيانات شاملة في استبيان وطني موجه لطلاب لبنان، أُطلقت حملة هجوم أيديولوجية وجندرية ضد وزيرة التربية ريما كرامي – ما يعكس كيف تُقابل الحوكمة الحساسة جندريًا بعداء مفرط حين تكون بقيادة نساء.
الاستبيان تضمن خيارًا ثالثًا في خانة الجنس: ذكر، أنثى، و"أفضل عدم الاجابة"، وهو ما يتماشى مع المعايير الدولية في جمع البيانات.
لكن النائب إدغار طرابلسي، خلال جلسة لجنة التربية النيابية، اعترض على هذا الخيار بشدة ونشر بيانًا على X قال فيه:
"اعتراضي الشديد على استبيان وطني... والذي فيه ادخلت الوزارة خانة ثالثة... يمتنع الطالب عن تحديد جنسه... أكدنا للوزيرة رفضنا التام لفكرة الاستمارة وخلفيتها باسم الشعب اللبناني والقيم الدينية والأخلاقية..."
واعتبر أن هذه الخطوة تتعارض مع "القيم الدينية والاخلاقية التي يتمسك بها الشعب اللبناني ".
رغم أن كرامي سحبت الاستبيان من التداول بحسب ما ذكر طرابلسي، إلا أن الحملة لم تهدأ، بل تصاعدت عبر الإنترنت، وتخللتها خطابات جندرية وجنسية جارحة مستهدفة شخصها ونيّاتها.
الحملة تجاوزت الانقسامات السياسية، وجمعت أصواتًا محافظة من مختلف الجهات، تتهم كرامي بأنها "تزرع أفكارًا تهز المجتمع اللبناني" و"تروّج لقيم دخيلة".
المشكلة لم تُطرح كنقاش حول السياسة، بل تحولت إلى هجوم شخصي يمس شرعيتها ودورها كامرأة في القيادة.
📊 موقفنا:
هاتان الحالتان تعكسان نمطًا متكررًا وموثقًا من العنف السياسي الجندري ضد النساء في لبنان، حيث يتحوّل الخطاب العام – خصوصًا على وسائل التواصل – إلى مساحات عدائية حين تبادر النساء بقيادة قرارات سياسية أو تقنية.
ويُبرز هذا الواقع الحاجة الماسّة لإجراءات مؤسسية مثل مدوّنة سلوك برلمانية ومحاسبة الأحزاب السياسية على هذه التجاوزات.
هذه الحالات تؤكد ما ورد في تقارير مهارات ومؤسسة مدنيات مثل "مرصد الجندر" و"#أنا_أيضاً_في_السياسة"، والتي أظهرت كيف تتحول النساء في السياسة إلى أهداف للهجوم عندما يدفعن بسياسات تقدمية.
✅ ما يجب القيام به:
- إدانة مؤسسية للخطاب الجنسي والمسيء في النقاشات السياسية، خاصة داخل الهيئات الرسمية مثل اللجان النيابية.
- إقرار مدوّنة سلوك برلمانية لحماية النساء في المناصب العامة من التشهير الأيديولوجي والجندري.
- دعم السياسات الشاملة بعيدًا عن الخوف من الهجوم السياسي أو الشخصي.
🧾 ما تقوله البيانات:
قامت مؤسسة مهارات، بالشراكة مع مدنيات، برصد أنماط العنف ضد النساء في السياسة منذ سنوات، موثّقة كيف أن الفضاءات الرقمية، والنقاشات السياسية، والردود المؤسسية غالبًا ما تتجاهل أو تسهّل هذه الانتهاكات.
في تقرير #أنا_أيضاً_في_السياسة، سلّطت مهارات الضوء على كيف يُستخدم الإعلام الرقمي كسلاح لإسكات النساء السياسيات.
أما تقرير مرصد الجندر، فكشف أن المؤسسات الرسمية نادراً ما تتعامل بجدية مع هذا النوع من العنف، رغم وضوح أنماطه.
📣 ما بين السطور:
هذه الهجمات ليست فردية أو معزولة، بل هي جزء من جهد منظم لردع النساء عن تولي أدوار عامة أو إدخال تغييرات في مواقع القرار. وغالبًا ما تُقدَّم هذه الانتقادات تحت غطاء "التقاليد" أو "الحرص القيمي"، لكنها تُخفي عداءً عميقًا للمساواة الجندرية ولمشاركة النساء الفاعلة.
✅ دعوتنا:
- إقرار مدوّنة سلوك برلمانية لمحاسبة النواب على السلوك الجنسي أو المهين.
- تحميل الأحزاب والمؤسسات السياسية مسؤولية إدانة حملات الكراهية ضد النساء، خاصة في الفضاء الرقمي.
- تعزيز الدعم المؤسسي والخطاب العام لحماية النساء السياسيات وتشجيع نقاش سياسي شامل.
- مشاركة البيانات والموارد بين الجهات الفاعلة لبناء استجابة جماعية قائمة على المعرفة.