1stday.jpg (1)

مؤتمر ”الأخبار المزيّفة وديمومة الإعلام“ يختتم يومه الأول في بيروت

انطلق اليوم مؤتمر ”الأخبار المزيّفة وديمومة الإعلام“ الذي تنظّمته مؤسسة ”مهارات“ وأكاديمية ”دويتشه فيله“، بين 24 و26 نيسان/ أبريل 2018، في فندق كراون بلازا في الحمراء في بيروت. ويناقش مشاركون من حول العالم خلال المؤتمر المستمر لثلاثة أيام ظاهرة نشر وانتقال الأخبار المزيّفة وكيفية مواجهة الإعلام لها. ويأتي المؤتمر ضمن برنامج ”مختبر ديمومة الإعلام الرقمي“ الهادف إلى تأمين حلول بديلة للمشاكل التي تواجهها الوسائل الإعلامية في العصر الرقمي، خاصة فيما يتعلق بموضوع الديمومة، وذلك عبر الدعم لتطوير نماذج عمل تؤمن التوازن بين إنتاج المحتوى الجيد وتأمين الإستدامة.

وكانت كلمة ترحيب للمديرية الإقليمية لـ”دويتشه فيله“ في لبنان ساندرا فان إيدغ، وللمديرة التنفيذية لمؤسسة ”مهارات“ رلى مخايل أشارت خلالها إلى ”أن المؤتمر المنعقد عن الأخبار المزيّفة يتزامن وحدث الانتخابات البرلمانية في لبنان، حيث يكون التأكد من الأخبار أمراً بالغ الأهميّة ومطلوباً في الإعلام، غير أن الإعلام في أزمة“.

وتقدّمت سيلفي كودري، مديرة قسم حرية التعبير في الأونيسكو في فرنسا، بعرض حول الأخبار المزيّفة وحرية الإعلام اعتبرت خلاله أن لا تعريف موحد لـ ”الفايك نيوز“ وهي تندرج ضمن ”فوضى المعلومات“. وخصّصت بداية المؤتمر جلسة بعنوان ”ماذا تعني الأخبار المزيّفة حول العالم؟“، بحث خلالها عدد من الخبراء والصحافيين من دول مختلفة، معنى ”الأخبار المزيّفة“ وكيف يختلف توصيفها في أنحاء العالم، كما عرض المشاركون لأكثر أشكال التضليل المعروفة اليوم، وما الذي يميّز النقاش حول الأخبار المزيّفة بين منطقة وأخرى. أدارت الجلسة الإعلامية في ”دويتشه فيله“ عربية في ألمانيا ديما ترحيني، وتحدّث خلالها بشكل تفاعلي مع الجمهور كلّ من رامي رحيم مراسل ”بي بي سي“ في لبنان، رانجان روي مؤسس ومدير تنفيذي لمجمومة The Edge في الولايات المتحدة، كريستينا تارداغويلا مديرة ”وكالة لوبا“ في البرازيل، سيد تركي رئيس التحرير التنفيذي لـ ”المنصّة“ في مصر.

أدوات جديدة للتدقيق في المعلومات

عقدت على هامش مؤتمر ”الأخبار المزيّفة وديمومة الإعلام“ ورشة عمل متخصّصة قادها الدكتور وليد السقاف، أستاذ محاضر في الصحافة وتقنيات الإعلام من جامعة سودرتورن في استوكهولم. وتخلّل الورشة عرض عملي لعدد من أدوات التحقق الشائعة، مثل التحقق من المصدر واسم المحرر أو الكاتب وحقيقة الصورة أو الفيديو وإن نشرت سابقاً. وشدّد السقاف على أن كل حالة أو حدث أو خبر يتطلب نوعاً خاصاً من التحقق. وقدّم السقاف خلال عرضه أمثلة من الأخبار المتداولة خلال الحرب السورية (هجوم الغوطة)، ثم عرض بشكل مفصّل لأبرز المواقع الإلكترونية التي تساعد في التحقق من صدقية المصدر وفاعليّته من خلال تنقية الروابط السليمة من تلك المزيّفة، والأمر نفسه ينسحب على الفيديوات والصور. وألقى السقاف نظرة نحو مستقبل ودور تقنيات مثل blockchain والذكاء الاصطناعي في مكافحة التضليل الإعلامي. وتمكّن المشاركون في الورشة من طرح أسئلتهم وملاحقة العرض عبر حواسيبهم لتطبيق الأفكار المعروضة.

هل التشريعات طريقة سليمة للتعاطي مع الأخبار المزيّفة؟

كما عُقدت جلسة نقاش تناولت مسألة التشريعات والقوانين، في محاولة للإجابة على سؤالين أساسيين: هل يمكن للقوانين والتشريعات أن تكون الوسيلة الفضلى لحلّ مشكلة المعلومات المغلوطة؟ ما هي المخاطر على حرية التعبير التي قد تنشأ في حال التدخل الحكومي؟. وأدار الجلسة نزار صاغية، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، وفيها ناقش عدد من الخبراء الإجراءات المتخذة حتى الساعة في أنحاء مختلفة من العالم، مع التركيز على تأثير الأخبار المغلوطة على الانتخابات.

وتحدّثت سلوى الغزواني الوسلاتي، مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تونس، متناولة تحكّم السلطة بمصادر المعلومات وبالتشريعات في آن. ورأت أن ”المعلومات لا تزال تتحكم فيها السلطة والقوانين التي تضعها تخدم روايتها الرسمية“، مشددة على أهمية حرية التعبير كأولويّة في منطقتنا. وحذّرت من ”أن الاعتماد على التشريعات للحد من الأخبار المزيفة قد يشكل خطراً على حرية التعبير ويحدّ من الحريات ولن يحاصر بطبيعة الحال الأخبار المغلوطة“. وتطرّقت إلى الحل القانوني الذي اعتمدته بعض الدول الديمقراطية ”ولم يكن ناجحاً“ برأيها، وأضافت ”في منطقتنا قد تكون التشريعات كحلّ خطيرة لأن منظومة العدالة مختلة“.

وشارك في الجلسة ميكو سالو، مؤسس Faktabaari، وعضو فريق الخبراء الرفيع المستوى المعني بالأخبار المزيفة والمعلومات المضللة عبر الإنترنت لدى الاتحاد الأوروبي من فنلندا. واعتبر خلال مداخلته ”أن ما نتناوله هو التضليل عبر الإنترنت مما يعني معلومات خاطئة غير دقيقة أو مضللة تسبب عمداً الضرر العام أو تهدف لتحقيق الربح“. ولفت إلى أن ”مشاريع القوانين المتعلقة بالأخبار المزيفة في الاتحاد الأوروبي تحاول تفادي الرقابة وتعزيز الشفافية“. ورأى ”أن القوانين قد لا تكون الطريقة المناسبة لمكافحة الأخبار المزيفة من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي“، مؤكداً أن الحلول تبدأ ”بزيادة الوعي وتعزيز الفكر النقدي وإتاحة المجال للمنصات للتحقّق من الأخبار“.

وكانت مطالعة قانونية للمحامي طوني مخايل، المستشار القانوني لمؤسسة ”مهارات“، ذكّر فيها بقانون المطبوعات اللبناني وبقانون المرئي والمسموع، التي تنصّ على تجريم نشر الأخبار الكاذبة عن قصد الضرر بالآخرين في وسائل الإعلام ولكن كان ذلك قبل السوشيل ميديا ولم تشملها القوانين إلى اليوم. وهنا تطرّق مخايل إلى مسألة زج الناشطين والمدوّنين في السجون ”تحت ذريعة النص القانوني والعبارات المطّاطة الموجودة فيها والتي يمكن للسلطة التذرّع بها“. ولفت إلى نص القانون الانتخابي الجديد ”الذي يمنع ترويج الأخبار الملفّقة خلال الحملات الانتخابية وحسب“، مما يطرح وفق مخايل السؤال حول ”جدوى تجريم نشر الأخبار الكاذبة خلال الفترة الانتخابية وليس في باقي الأيام سوى في حالات الضرر العام“.

وفي ختام الجلسة طرح المشاركون أسئلتهم وتشاركوا أراءهم وأفكارهم وتجاربهم في الإعلام.

لنصنعأخبارًا مزيّفة“!

وفي ختام اليوم الأول لمؤتمر ”الأخبار المزيّفة وديمومة الإعلام“، جرى تنظيم حلقات منفصلة عملت على فبركة ”أخبار مزيّفة“ ووضعت استراتيجية لجعل الخبر ينتشر على مواقع التواصل. وكان الهدف من هذه ”اللعبة“ اكتشاف المشاركين ”إلى أيّ درجة قد يكون تضليل الجماهير سهلًا؟“ و”هل يمكننا أن نخترع أخبارًا مزيّفة الآن وهنا؟“. ونشّط اللعبة محمد نجم، وهو ناشط في الحقوق الرقميّة والشريك المؤسس لجمعية (Social Media Exchange (SMEX. ”اللاعب المحترف محمد صلاح تستدعيه الدولة المصرية للتجنيد الإجباري“ كان واحداً من عناوين الأخبار التي فبركها المشاركون، ”استقالة المرشّح حسن زعيتر من لائحة التضامن في دائرة كسروان-جبيل على خلفية تسليم مفتاح المنطقة للسيد حسن نصرلله“ كان عنواناً آخر لخبر مزيّف لفّقه المشاركون، ”تسريب لويكيليكس لعلاقة سياسيين لبنانيين بدول وشركات لتأجيل استخراج النفط لصالح دول مجاورة“ عنوان كاذب آخر، ”حزب الله يسعى لإعادة فتح مراكز للاستخبارات السورية في لبنان“… وسواها من العناوين الكاذبة التي ”صنعها“ المشاركون وعملوا على تسويقها. وفي المحصّلة اختير الخبر المتعلّق باللاعب محمد صلاح ”الفريق الأكثر قدرة على التضليل الجديد“ بما يعكس أهميّة المؤتمر المنعقد لمكافحة نشر الأخبار المزيّفة.